دكتور احمد عيسى يكتب “أربح ويربح الآخرون “

بكره أحلى .. 

د. أحمد عيسى عبد الله

استشارى ادارة الموارد البشرية

إن من الأهمية القصوى لنهضة بلادنا تعديل طرق التفكير لتكون أكثر إيجابية وفاعلية ، لأنه من المعلوم أن حلقات السلوك الإنساني- ومنه الحضاري- تبدأ بالنّفوس: أي بحلقة الفكرة، ثم حلقة الإرادة، ثم تبرز منها الحلقة الثالثة حلقة الممارسة والإنجاز المحسوس، فإذا أصاب العطب أو الخلل الحلقة الأولى امتدت آثار الخلل إلى الحلقتين التاليتين، وأفرزت مضاعفاتها في البطالة والعطالة والعجز والتخلّف؛ لذلك كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ( اللهم إنّي أعوذ بك من علم لا ينفع ).

وإنه لمن المؤسف أن الناس في تفكيرهم يتوزعون فى غالبيتهم على أربعة نماذج غالباً وهى :

  • أربح ويخسر الآخرون : وهذه العادة تمثل اتجاه نفسي – عقلي قائم على منطلق التنافس والتحاسد، وينظر للحياة على أنها ميدان لا يربح فيه أحد إلا على حساب خسارة الآخر.
  • أخسر ويربح الآخرون: هذه العادة في التفكير أصحابها فاقدوا الثقة بأنفسهم، عديمو الإحساس بذواتهم، يتوقعون الخسارة أو الفشل في كل عمل، لذلك يعيشون ضحية التردد.
  • أخسر ويخسر الآخرون: هذا التفكير يظهر عندما يتعامل اثنان من ذوي عادة ( أربح ويخسر الآخرون ) يقوم على العدوان والأنانية ورغبة كل منهما في تدمير الآخر.
  • أربح ولا يهمني الآخرون: أصحاب هذه العادة يقومون على فكرة النجاح الفردي دون أن يفكروا بربح غيرهم أو خسارته.

أما نموذج تفكير ” أربح ويربح الآخرون ” فهو قليل بالرغم من أنه هو الذى يحقق الفاعلية في الأمم من خلال الإنجازات التي تلبي الاحتياجات وتواجه التحديات في الداخل، والعطاء الحضاري الذي تقدمه الأمة للأمم في الخارج.

وحينما بدأ التفوق الياباني في الميادين المتنوعة تداعت الجامعات والمؤسسات الأوروبية والأمريكية لدراسة الفاعلية اليابانية، حيث أشارت الأبحاث والدراسات إلى أن اليابان تمتلك نظاماً تربوياً يسهم بشكل رئيسي فى فاعلية نمو اليابان الاقتصادي وفي تطورها وتقدمها الاجتماعي.

إن النضج الكامل في شخصية الإنسان هو الأساس الأول الذي تقوم عليه تنمية الفاعلية والإنتاجية الشخصية ، ومن العلامات الإيجابية النفسية عادة التفكير العقلية والفكرية المعروفة بـ ” أربح ويربح الآخرون ” .. والتى يلخصها الحديث الشريف الذى يحفظه الغالبية العظمى من كلام النبي صلى الله عليه وسلم:  ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ”

وتستهدف هذه العادة النفسية ” العقلية ” تبادل المنفعة في جميع التفاعلات الإنسانية، ويكون من ثمارها التزام الجميع بالتعاون من أجل صالح المجتمع.

ويحتوي هذا التفكير ” أربح ويربح الآخرون ” على عدة أبعاد:

البعد الأول : الشخصية الناضجة : وهي أساس هذا التفكير ولها ثلاث مزايا …

الأولى الاستقامة : ومعناها أن يعيش الإنسان منسجماً مع قيمه ومبادئه التي يؤمن بها في جميع مواقف حياته .

الثانية النضج :من خلال التوازن بين “الشجاعة” وهي القدرة على التعبير بصراحة عن الأفكار و” المشاعر” من خلال فهم الآخرين واحترام مشاعرهم .

الثالثة عقلية الوفرة: تقوم هذه الفكرة على أن صاحبها يعتبر أن في الحياة متسع لكل الناس، لذلك تجده واثقاً من نفسه مطمئناً، يرى أن الناس كلهم يستطيعون المشاركة في المكانة والمنافع …الخ.

البعد الثاني : العلاقات الإنسانية:

وهى العلاقات القائمة على الثقة المتبادلة، فالثقة هي الرصيد المؤدي إلى دوام هذه العلاقات.

البعد الثالث : القدرة على عقد الاتفاقيات وتحقيق الانجازات ومهارة التفاوض الناجح:

وهي أيضاً ثمرة العلاقات الإنسانية النبيلة، وتقوم على تحقيق النتائج المرغوبة للجميع، والتقييم النهائي للإنجاز ونجاح العلاقات المتبادلة بين طرفى أو أطراف الاتفاقيات.

ومن المهم أن تلائم البيئة السائدة هذه العادة وتحترم نتائجها وثمارها، وكذلك  تجانس الوسائل والغايات ، إذ لا يمكن تحقيق أهداف تفكير ” أربح ويربح الآخرون ” بوسائل وأساليب ” أربح ويخسر الآخرون “.

 

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock