الاعتراف والتطبيع اصبح واقعاً

 

كتب حسين عطايا – كاتب وناشط سياسي لبناني .

مهما حاول العهد ومن خلفه حزب الله التذاكي والتهرب من الاعتراف بأن اتفاقية الترسيم هي اتفاق له مفاعيل مالية وامنية وادارية ، وحين يتم إيداع نسخة عن اتفاقية الترسيم ، لدى الامم المتحدة ، وبأن رعاية الاتفاقية هي من مسؤلية الراعي الامركي والامم المتحدة والذي حصل اليوم بحضور السفيرة الفرنسية التي حضرت مراسم تسليم الوثائق .

وهنا لابد من طرح سؤال ضروري ووجودي :

لو كان في الحكم احد معارضي محور الممانعة ، من احد احزاب الرابع عشر من اذار او من مجموعات السابع عشر من تشرين وهم الذين قاموا بالترسيم …
ماذا كان سيكون رد حزب الله واتباعه ؟؟
الم يكن ذلك سببا في هدر دمهم ونعتهم بالخيانة والعمالة ؟؟؟
ام ان العمالة حقاَ هي وجهة نظر ومنهم عُملاء بسمن وعُملاء بزيت .

كذلك ، لابد من لفتة نظر عن الفروقات الجوهرية والتي تمت طيلة فترة المفاوضات وماسبق مراسم التوقيع وهنا فعلاً يكمن الفرق .

* ففي لبنان رؤس ثلاثة تلتقي الوسيط الامركي .
* الوفد المفاوض مرتبط مباشرة برئيس الجمهورية ومحصور وضيق جداً وغير معروف من عامة المواطنين ممن يتألف سوى نائب رئيس مجلس النواب ، النائب الياس ابوصعب وهو مستشار لرئيس الجمهورية ميشال عون .
* النواب والوزراء غير مطلعين على مجريات التفاوض ولا على الورقة الرئيسية التي تم الاتفاق عليها ولم يكن لهم ادنى دور .
* التوقيع على الورقة الامريكية النهائية تم من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون حصرياً .

اما في الجانب الاسرائيلي وبالنظر لحكم المؤسسات يختلف الوضع كلياً .
على مستوى الوفد المفاوض ، مؤلف من اعضاء من :
– وزيرة المياه والطاقة .
– من المجلس الوطني للأمن .
– ومن وزارات مختلفة برئاسة رئيس الحكومة المستقيلة يائير لابيد .
– اثناء زيارات هوكستين لاسرائيل يلتقي رئيس الحكومة او وزيرة المياه والطاقة ، او احد اعضاء الوفد .

– التوقيع على الورقة الامريكية يختلف كُلياً عما حصل في لبنان ، فقد سبق التوقيع اجتماع للحكومة الاسرائيلية وافقت من خلاله على التوقيع وكلفت رئيس الحكومة لابيد التوقيع على الورقة النهائية .

اما على مستوى حقيقة الامور :
لبنان لازال يتنكر لكون الاتفاقية هي معاهدة ويجب إقرارها رسمياً في الحكومة والبرلمان ، ولازال كل من امين عام حزب الله الذي بارك الاتفاق حيث القى كلمة بالتوازي مع مراسم التوقيع في مقر الامم المتحدة في الناقورة جنوب لبنان ، وهنأ بها واشاد بالمفوض اللبناني حليفه الرئيس ميشال عون والذي بدوره ايضا يتنكر ويتهرب من وصفها معاهدة .

التهرب مرده الى الهروب من حقيقة اتفاق الاعتراف باسرائيل والذي تطرق اليه رئيس الحكومة الاسرائيلي لابيد اليوم ، كما خوفهم من اعتبار ذلك بداية مرحلة تطبيع .

وعلى الرغم من كل ذلك فالاتفاق والذي ينتج عنه :
* عملية تعديل للمرسوم ٦٤٣٣ والذي من خلال الاتفاق تم تعديله بشكل نهائي ، حيث تك تعديل خط الحدود البحرية والتي رسمه لبنان في العام ٢٠٠٧ وتم إيداعه في الامم المتحدة والذي لم تعترف به إسرائيل في حينه ، وتم ايداع الورقة الامريكية الممهورة بتوقيع رئيس جمهورية لبنان ميشال عون وقد اصبحت منذ عصر الامس الخميس في السابع والعشرين من تشرين الاول – اوكتوبر ، وثيقة رسمية تعتمد عليها الامم المتحدة في حال وقوع اي خلاف ما بين فريقي الاتفاق .
* كما ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة ممثلة بالوسيط هوكستين هي ضامنة الاتفاق وتعمل على تقريب وجهات النظر ما بين الفريقين قي حال حصول اي خلاف في المستقبل .
* وفي بند اخر ينص الاتفاق على عدم السماح لاي تعديل للاحداثيات والتي وقع عليها فريقي الاتفاق ، وتم تسليمها للامم المتحدة ، من فريق واحد بل من خلال توافق مابين الفريقين وبموافقة الراعي الامركي .

إذن ، ازاء كل ماتقدم ووفقاً لما قاله رئيس حكومة الكيان الاسرائيلي لابيد ، إن اعتراف دولة عدوة بإسرائيل من خلال التوقيع على الاتفاق هو يوم تاريخي .
كذلك هنأ الرئيس الامركي بايدن شخصياً الفريقين على التوصل الى هذا الاتفاق واعتبره ايضاً اتفاق تاريخي سيؤدي الى الامن والسلام قي الشرق الاوسط وللدولتين الموقعتين عليه .
وقد ورد مساء اليوم بالتوقيت المحلي للبنان تصريحاً لوزير الخارجية الامريكية قال فيه :

” هذا الإنجاز التاريخي يحرّر موارد الطاقة الحيوية ويجسّد قوة التعاون الإقليمي والتزام الولايات المتحدة بالأمن والاستقرار والازدهار الإقليمي” .

بعد كل الاهتمام الامركي وماقيل وسيُقال حول اتفاق الترسيم ، هل سيستطيع حزب الله وحليفه ميشال عون ان يقنعوا اللبنانيين بأن الامر مجرد تفاهم وليس اتفاقاً او معاهدة ؟؟؟.
وهل لازال حزب الله يستطيع التلطي خلف مقولة الحصار الامركي للبنان ؟؟؟
وبصراحة تامة ومطلقة المنتصر في اتفاقية الترسيم هما :
إسرائيل من خلال حصولها على حقل كاريش كاملاً وحصة من ارباح ما ستُنتجه شركة توتال من حقل قانا اللبناني بنسبة ١٧% ، وسيليها الولايات المتحدة والتي وجدت بعضاً من غاز بديل للغاز الروسي والذي بدأ انتاجه يوم امس وسيتم تصديره قريباً الى الاسواق الاوربية .
بينما المهزوم هو لبنان بخسارته لحقل كاريش وجزء من حلق قانا ، وبالتالي تنازله عن الخط ٢٩ والذي وحده يُمثل الحفاظ على الحقوق اللبنانية بثرواتها من نفط وغاز .

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock