وجهة نظر
هل سيفعلها القيصر ؟
فرضت الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا العديد من حزم لعقوبات اقتصادية علي روسيا عقب قيامها بالحرب علي أوكرانيا وصفت بالأكبر و الاقسى في التاريخ و التي رأت أنها حتما ستؤدي الي إنهيار وشيك لاقتصاد روسيا إلا أن هذه العقوبات ألقت بظلالها علي الغرب نفسه و الولايات المتحدة من إرتفاع الأسعار للسلع و الطاقة خاصة الغاز و ستقوده في النهاية الي تحلل ووهن لمنطقة اليورو بل و الاكثر من ذلك كما أشار تقرير صادر من خبراء البنك الدولي الي أن العالم سيشهد كساد اقتصادي عالمي يبدأ في النصف الأول من عام 2023 .
و يبدو أن العالم أصبح كبش فداء لأزمات اقتصادية عالمية خانقة بعد أن تعافي من قريب من انتكاسة إقتصادية لم يفق منها بعد نتيجة اعراض جانحة فيروس كورونا.
وقد وجدنا أن الآثار الاقتصادية التي كانت خطط لها من قبل الغرب و حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية نجاة روسياقد فشلت في مبتغاها فشهد الروبيل أعلي مستويات في صعوده تجاه الدولار في التاريخ و تمتلئ الخزينة الروسية بنسبة 32% في الربع الثالث لهذا العام في سابقة فريدة بعد أن أصبح المستفيد الأكبر من إرتفاع الاسعار العالمية للطاقة و الغاز .
لاشك أن القيصر الروسي فلاديمير بوتين كان بتوقع تلك العقوبات الاقتصادية و هي الوسيلة العرجاء التي يملكها الغرب و الولايات المتحدة إذا اقدم الدب الروسي علي الحرب في أوكرانيا إلا أن تأتي الرياح كما تشتهي السفن و نجح بوتين في إمتصاص الآثار الاقتصادية لبلاده من جراء هذا الحصار الإقتصادي العالمي المفروض عليه و قد أستخدم سلاح الطاقة و الغاذ كرد فعل علي هذه العقوبات و أرهق إقتصاد أوروبا بأعباء قاسية نتيجة فروق الأسعار التي قفزت الي مستويات قياسية فاقت قدرات تلك الدول
و من أكثر الدول الأوروبية التي تأثرت من أزمة الطاقة هي ألمانيا التي أجبرتها تلك الأزمة الي تبني سياسات اقتصادية تقشفية تجاه مواطنيها في إستهلاكهم للغاز المنزلي و تحديد عدد ساعات يوميا لقطع الكهرباء عن المنازل لترشيد الكهرباء كما ادي ذلك أيضا الي تراجع الصناعات الحيوية كصناعة السيارات من 15 الي20% .
و لكن ماذا بعد ؟
ماذا في جعبة القيصر الروسي هل غرذت أقدام بوتن في رمال أوكرانيا المتحركة هل سيغرق في مستنقع الحرب فيها ام ٱن بوتين ينتظر شتاء الحسم حيث يتعمد إطالة أمد الحرب الي أقصي مدي الي أن تتجمد أوروبا وسط الثلوج و الصقيع .
و سيطرته على خصومه .
و قد تناولت وكالات الأنباء العالمية هذه الأخبار العاجلة فور إعلان بوتين التهديد بالأسلحة النووية و اصبحت مادة إخبارية هامة لدي المراقبين و المحللين السياسيين و العسكريين لطرح الحوارات والنقاشات الجادة و انقسموا فيما بينهم بين ما هو مؤيد و معارض إقدام بوتين لهذه الحرب النووية.
و أري من وجهة نظري أن الحرب الروسية في أوكرانيا قد انتهت بالفعل منذ إجراء الاستفتاء الشعبي للمناطق الأربعة التي اقتطعتها روسيا من أوكرانيا ( دونيتسك وزابوراجيا وخيروسون و دونباس) في هذا الشهر و ذلك لتأمين حدود بلاده عسكرياً و أمنيا من اي خطر أو اي تهديد من دول الناتو مستقبلا مع قيامه بوضع نقاط و قواعد عسكرية واسعة في تلك المناطق الأربع المستولي عليها و تسليحها تسليحا متطورا عددا و نوعا .
و أما ما نشاهده هذه الأيام من معارك من كلا الطرفين في ما تسمي بحرب استنزاف بهدف تأكيد نجاح الحرب و إيجاد نصر عسكري و سياسي و لن يلجأ القيصر الي استخدام السلاح النووي في هذه الحرب و ذلك نظرا للضغوط الدولية و الإقليمية و المجتمع الدولي باستخدام هذا السلاح الذي لن تجدي نفعا كوسيلة لحل النزاعات الدولية و الإقليمية في العالم.
حتي الآن لم تحارب روسيا في أوكرانيا بل لم تعلن حالة الحرب و لم تعلن حالة الطوارئ و لم تستدعي قواتها المسلحة إلا جزء بسيط منها لا يتعدي ال 200 ألف جندي بل اقتصرت هذه التي سميت بالعملية العسكرية المحدودة علي استخدام سلاح الطيران المتطور و إطلاق منصات الصواريخ عالية الدقة بعيدة المدي حيث دمرت البنية التحتية الأساسية و المطارات و مخازن الوقود و الطائرات و محطات الطاقة و الكهرباء و مراكز التوجيه و السيطرة لقوات أوكرانيا حتي وصل الأمر إلي تدمير المنشآت الحيوية التى تغطي مساحات شاسعة من العاصمة كييف نفسها .
هذا و قد لوحظ في الآونة الأخيرة الي حبس دول أوروبا و أمريكا أنفاسهم عندما هدد ولوح القيصر بوتن باستخدام الأسلحة النووية إذا ما اقتضت الضرورة و تعرضت مصالح بلاده و حدود أراضيه و أمنه القومي الي التهديد بالخطر. و بالفعل أصدر بوتين أوامره في تصعيد خطير الي وضع الأسلحة النووية في وضع الاستعداد كخطوة أخيرة و آخر أوراقه في الحرب لفرض الهيمنة و السيطرة
و يبقي الحل الوحيد هو الحل السلمي بالتفاوض في حل المنازعات الدولية و أراه هو الحل الأمثل و الأقرب للتطبيق مع قناعتي بعدم قيام بوتين بالتنازل عن المكاسب الجيوسياسية التي حصل عليها من ضم المناطق الأربع الي بلاده و اعتبارها جزء لا يتجزأ من روسيا و لا يمكن التخلي عنها أو الإنسحاب منها باعتبارها أمن قومي ضد من تسول له نفسه أوكرانيا أو غيرها في مجرد التفكير مستقبلاً في تهديد حدود روسيا أو المناطق المتاخمة و اللصيقة بها .
و قد تقدم دولة كالمملكة العربية السعودية كدولة عربية لها ثقل ووزن سياسي في العالم للمساهمة كمبادرة في تنظيم عمل تفاوضي بين الأطراف المتحاربة برعاية و دعم الأمم المتحدة بعقد معاهدة بوقف القتال و الحرب بين الدولتين بعد الإتفاق علي الشروط التي ستحددها كل دولة في إنهاء حالة الحرب ووقف الصراع المحتدم بينهما .
و ربما غدا لناظره لقريب .