في ذكرى عزيزة على كل مصري ومصرية، عربي وعربية، تحتفل مصرنا الغالية بذكرى انتصار قواتنا المسلحة المصرية في حرب السادس من أكتوبر 1973، حيث قدمت العسكرية المصرية درسًا نموذجيًا في فنون الحرب والمعارك والتخطيط الاستراتيجي، لا يزال يُدرس حتى الآن في كبرى الكليات والمعاهد العسكرية، فإن كانت إسرائيل تتباهى بنصرها في ستة أيام عام 1967، فقد تمكن أبناء مصر البواسل بدمائهم الذكية الطاهرة من النصر في ست ساعات فقط، مسطرين ملحمة تاريخية شهد عليها العالم حتى يومنا هذا.
وقد قال سياده اللواء طارق مهدى رئيس اركان قوات الدفاع الجوى السابق ومساعد وزير الدفاع السابق وعضو المجلس العسكرى للقوات المسلحه عام 2011 قال “ربما جاء يوم نجلس فيه معا لا لكي نتفاخر ونتباهى ولكن لكي نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلا بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقه ومرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله … لقد كان الليل طويلا وثقيلا ولكن الأمة لم تفقد إيمانها أبدا بطلوع الفجر، وإني لأقول بغير ادعاء إن التاريخ سوف يسجل لهذه الأمة أن نكستها لم تكن سقوطا، وإنما كانت كبوة عارضة وأن حركتها لم تكن فورانا وإنما كانت ارتفاعا شاهقا”، هكذا عبر الزعيم الراحل أنور السادات في خطبته الشهيرة في 16 أكتوبر 1973، عن حرب الست الساعات التي افقدت العدو توازنه، وأثبتت للعالم أجمع أن الجندي المصري خير أجناد الأرض.
واضاف وبعد مرور هذه السنوات ا على حرب السادس من أكتوبر، إحدى العلامات المضيئة للعسكرية المصرية، والشعب المصري، في العصر الحديث، علينا أن نعلم أولادنا وأحفادنا الآن قصة النصر وكيف استطاع الجواد المصري أن يفوق من كبوته في فترة قصيرة لم تستغرق سوى ست سنوات تخللتها حرب الاستنزاف، ليعود بنصر ثمين على الجيش الذي ادعى أنه لا يقهر، ولكن هيهات هيهات، فالجندي المصري لا يستطيع أحد إيقافه، وكما يقول الرئيس السادات “إن القوات المسلحة المصرية قامت بمعجزة على أعلى مقياس عسكري”.
وما أود أن أتحدث عنه اليوم فى هذه الحرب الخالدة، هو السلاح الذى اعتمدت عليه فلسفة الخطة فى أكتوبر 1973، الذى كان لرجاله دور كبير فى تحقيق النصر، وكبح جماح وغرور المقاتلات الإسرائيلية، إنه سلاح ” الدفاع الجوى” ، فقد اعتمدت خطة الحرب على عبور القوات المسلحة المصرية لقناة السويس والتقدم إلى شرق القناة بمسافة من 10 إلى 12 كيلو متر، باعتبار أن منظومة الدفاع الجوى التى كانت تمتلكها مصر من الاتحاد السوفيتى فى تلك الفترة تغطى هذا المدى بصورة فعالة وقادرة على ردع أى طلعات جوية، وتحييد الطيران الإسرائيلى بشكل كامل فى نطاق تلك المسافة.
وقد كان لمنظومة الدفاع الجوى سام 2، المعروفة باسم “فولجا”، وهى صواريخ أرض جو روسية الصنع، واسمها مستمد من أطول الأنهار فى روسيا نهر “الفولجا” الذى يصل طوله إلى 3500 كيلو متر، ويقع فى الجزء الغربى منها، وقد أطلق الروس على الصاروخ هذا الاسم تيمنا بفكرة أنه ذات مدى مناسب، ويمكنه حماية أطول الأنهار، وقادر على اصطياد الطائرات وقنصها بقوة، والمنظومة الثانية التى اعتمدت عليها مصر فى الدفاع الجوى خلال أكتوبر 1973 هى سام 3، المعروفة باسم ” بيتشورا”، ومأخوذة أيضا عن نهر البيتشورا، الذى يقع فى شمال غرب روسيا، ويصب فى المحيط القطبى الشمالى بطول 1800 كيلو متر .
استطاعت منظومة الدفاع الجوى للجيش المصرى فى أكتوبر 1973، أن تمنح القوات البرية القدرة على التحرك وتدمير مواقع وحصون العدو شرق قناة السويس، بصورة على أعلى درجة من الاحترافية، وفى أمان كامل، بعد شل حركة الذراع الطولى لإسرائيل “سلاح الطيران”، فقد كانت مقاتلاته تتحول إلى “عصف مأكول” حال اقترابها من قناة السويس.
كل التحية لرجال الدفاع الجوى، الذين كانوا على قدر المسئولية فى حرب أكتوبر 1973، وقدموا غطاء قويا للوحدات البرية المقاتلة، نجحت معه قواتنا فى تحقيق النصر.. كل عام ومصر وقواتها المسلحة بخير.