بقلم: حسين عطايا – ناشط سياسي / لبنان
مضى حوالي اسبوعين على عملية اجتياح القوات الروسية للاراضي الاوكرانيا ، حيث قامت قيامة العالم بأسره ، بعض من فرض عقوبات ، والبعض الاخر اقفل مجاله الجوي في وجه الطائرات الروسية ، والبعض الاخر اخرج بعض المصارف الروسية وعلى رأسها المصرف المركزي الروسي ،من نظام سويفت التي من خلاله تجري عمليات التحاويل مابين المصارف العالمية ، حتى تركية اقفلت مضائقها في وجه السفن الحربية ، ولكن الغريب ان العالم العربي يعيش حالة غياب مُطلق ، لا بل صمتٌ مُريب وقاتل .
بعض الدول ومنها الكيان الاسرائيلي والذي لايشكل في الجغرافيا والديمغرافيا وزناً وحجماً تدخل وسافر رئيس وزرائه الى روسيا واجتمع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لساعات ثلاث في محاولة للعب دور في تقريب وجهات النظر والسعي لحلحلة ما في جدار الازمة الروسية الاوكرانية ، وايضاً الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان حاول ولازال أن يلعب دوراً في فتح كوة في جدار تلك الازمة ، ولكن العالم العربي غارقٌ في صمته مع كل التأثير الجغرافي والديمغرافي الكبير وامتداد مساحته عبر تراب قومي يمتد من الخليج العربي في اسيا وصولا الى المحيط الاطلسي في غرب افريقيا وشمالها المتوسطي .
هنا السؤال والاشكالية :
هل العالم العربي يعاني من انعدام الوزن في الجغرافية وفي ديمغرافيا العدد أم غياب قامات وازنة في السياسة والتخطيط الاستراتيجي في زمن تتغلب قوة التخطيط على قوة الجغرافيا والامكانيات ؟؟؟؟
هنا لابد من ان نتذكر الزعيم العربي جمال عبد الناصر ودوره الفعال في إنشاء حركة عدم الانحياز مع قامات كبيرة على المستوى العالمي شو إن لاي الصيني وجواهر لال نهرو الهندي بالاضافة الى اخرين مما اعطاه بُعد وتأثير سياسي جعله مؤثراً في لعب دور محوري في زمن العالمين الغربي اي ” الولايات المتحدة ودول الغرب والتي تشكلان حلف شمال الاطلسي والعالم الاشتراكي والذي يتشكل من الاتحاد السوفياتي ودول شرق اوروبا والذي كان يُعرف في حلف وارسو ” .
من خلال حركة عدم الانحياز لعب الزعيم جمال عبد الناصر موقفاً مميزا وفاعلاً ، كما لا ننفي دور كل المملكة العربية السعودية ” الملك فيصل بن عبدالعزيز ” في حرب ١٩٧٣ يوم اتخذ قراراً شُجاعا في قطع النفط عن الغرب مما خلق ازمة كُبرى ساهمت باسراع العالم الغربي للعب دور فاعل في وقف الحرب ومن ثم ساهم في استعادة مصر لكامل سيناء وجعل من العالم العربي قوة اقتصادية يخشى منها الغرب .
أما اليوم العالم العربي يغيب فعلياً عن التأثير في مجرى السياسة الدولية ، لابل يمكننا القول أنه يتأثر بالازمات الدولية العالمية ولا يؤثر فيها .
هنا المفارقة نعم وبكل أسف يعيش عالمنا العربي مرحلة مخاض عسير جداً تحتاج لسنوات حتى تنتهي الدول العربية من تركيز سياساتها الداخلية في التنمية والتحرر من براثن الماضي المؤلم ، مما يساهدها على رسم سياسات خارجية مؤثرة وفاعلة ، خصوصاً ماتشهده المملكة العربية السعودية من نشاط اقتصادي وثقافي وتحرر من عوامل كانت تؤثر سلباً في سياساتها الداخلية والخارجية ، بينما اليوم نجد بأن التطور والحداثة التي تعيشها المملكة سيجعلها من الدول التي يُحتسبُ لها الف حساب ، كما أننا نرى في مصر نتيجة التطورات الفاعلة وعلى شتى المستويات العمرانية والاقتصادية وحتى العسكرية مما يجعل منها قوة تأثير اقليمي ودولي .
هذا فعلا يحتاج لبعض الوقت قد يبدأ التأثير الفعلي في مطلع ثلاثينات هذا القرن .
من هنا نجدُ أن غياب العالم العربي عن التأثير في مجرى الازمة الروسية الاوكرانية يُشكلُ حالة ضعف في هذا الوقت ، مع العلم كان بالامكان لدولة مصر العربية ان تلعب دوراً مميزا وفاعلاً نتيجة ما تملكه من علاقات مع روسيا الاتحادية وبالتالي تجعل منها ” اي من مصر ” محاور مستقل وفاعل في ايجاد الحلول او في تقريب وجهات النظر كما يمكن للمملكة العربية السعودية او دولة الامارات العربية المتحدة من لعب دور مميز وفاعل ، ولكن للأسف غياب الاستراتيجية السياسية الخارجية الفاعلة في العلاقات الدولية جعل من اقطار العالم العربي يعيشون حالة شبه غياب عن الساحة الدولية في زمن الازمات مما افقدهم الوزن السياسي المؤثر في العلاقات الدولية حين يُصاب العالم او يواجهه ازمات كالازمة الروسية الاوكرانية والتي تُشكل ازمة حقيقية ستطال مفاعيلها كل دول العالم وبدأنا نعيش مفاعيل فصولها خصوصاً في الوقت الذي يعشه العالم العربي من حالات انكشاف في الامن الغذائي كما في الامن القومي العربي مما يُعانيه من تدخلات قوى اقليمية ناشئة ” تركيا وايران واسرائيل ” حيث يُريدون تقاسم العالم العربي من خلال اعتداءات فعلية إن في فلسطين وسوريا والعراق واليمن وليبيا ” ، عدا ما تُعانية الدول العربية من مشاكل بينية ” الجزائر والمغرب ” مثالاً على ذلك .
هذا الامر يتطلب من الدول العربية الفاعلة والتي لعبت ولا زال بمقدورها أن تلعب دوراً فاعلا في مجرى تطور السياسات العربية والدولية لاسيما مصر والسعودية والجزائر ، كما المغرب والامارات العربية المتحدة ودولة عُمان ، خصوصاً إذا ما تم تشكيل لجان تنسيق في مجال السياسة العربية ومن خلالها التأثير في العلاقات الدولية خصوصاً في زمن الازمات والتي ستتكاثر اكثر فأكثر إنطلاقاً مما تُشكله ازمة اجتياح القوات الروسية لاراضي دولة اوكرانيا والذي سيترك اثاراً سياسية واقتصادية على دل دول العالم وهنا قد يستطيع العالم العربي إن احسنت قياداته في لعب دور تقريب وجهات نظر مابين دول الازمة ، كون الولايات المتحدة وحتى دول اوروبا لايمكنهم من لعب دور وسيط مُحايد بالنظر من كونهم شُركاء في الازمة من خلال قراراتهم المتسرعة بفرض العقوبات والتي خرجت عن المألوف وكأن الامر المطلوب هو مُعاقبة الشعب الروسي بأكمله ، وهذا ما لم تشهده في ازمات مُشابهة كمثل غزو الولايات المتحدة للعراق واعدام رئيسها الشرعي وفي ذلك مُخالفة للقرارات والقوانين الدولية ، او غزوها دولة بنما واعتقال رئيسها ، بينما فعلت تلك الدول لاسيما اوروبا ما لم تفعله في ازمات من قبل لا بل كانت شريكة في الازمات .
كل هذه المعطيات تُقدم لقادة العالم العربي فرصة ذهبية للقيام بدورٍ فاعل ونزيه في الازمة الحالية التي يعيش مفاعيلها العالم بأسره .
لنشر اعمالكم بالجريدة واتس ٠٠٢٠١١٥٥٤٤٢٨٨٣