كتب الناشط السياسي حسين عطايا
منذ أن وطأت رجليه ارض مطار طهران في ١ شباط من العام ١٩٧٩ ، على طائرة فرنسية اتية به من العاصمة الفرنسية باريس ، بحماية ورعاية الاستخبارات الفرنسية ، وحيث كان يقيم في منزلٍ تعودُ ملكيته للاستخبارات الامريكية “CAI ” ، حتى بدأ فوراً بوضع خططه التي اطاحت بكل مكونات الثورة التي اجبرت الشاه محمد رضا بهلوي على الهروب من طهران تاركاً خلفه جيشٌ ومؤسسات دولة كانت من احدثها في ذلك العصر ، فاستلمها ملالي الفرس الذين قاموا بهدم مؤسسات الدولة وانشأوا مؤسسات تشكل لهم اداة السيطرة على كل البلاد بعد ، ان تخلص من جهات الثورة الحقيقيين ” امثال : ” حزب تودة الشيوعي ، مجاهدي خلق ، فدائيي خلق وبعض رجال الدين التقدميين ” اية الله كالقاني ، اية الله شريعة مداري وغيرهم الكثيرين ” والذين هم من اجبروا الشاه على التنازل عن عرشه والهروب خارج بلاده .
مذ تلك اللحظة ، بدأت فكرة تصدير الثورة
” المسماة ” الثورة الاسلامية في ايران ومن هنا بدأت اعمال التخريب في الامن القومي العربي .
لاسيما اذا غصنا بعيداً في التاريخ لمعرفة اسباب الخقد الفارسي على العرب والذي نجده بأنه يعود لحقبة بعيدة جداً في التاريخ ، تعود الى أخر معارك يزدجر الذي هزمه الخليفة عمر ابن الخطاب وسبى بناته الثلاثة ، والذي يشكل جزءاً من سردية فارسية تُضمرُ حِقداً وضغينة على كل ماهو عربي ، حتى ممارسة تعاليها وترفعها عن ازلامها وتوابعها من الشيعة العرب او المتفرسين من سنة غزة وغيرهم ، حيث تسعى لاستعادة مجد امبراطوريتها المهزومة والثأر لمقتل اخر كسرى تربع على عرش بلاد فارس .
لذلك ، نجد أن ملالي ايران وعلى رأسهم الخميني والذي اتخذ من قضية فلسطين والقدس شمسية يتغطى بظلها لممارسة ابشع حرب في على الامة العربية ، وقد اتخذ من بعض صغار النفوس من الشيعة العرب اتباعاً وازلاماً استبد في اتخاذ الاسلام غطاءاً ومذهب التشيع وسيلة للنيل من الامن القومي العربي ، مما جعل بعض الشيعة العرب جاليات عميلة ، للنيل من اوطانها خدمة للفارسي المعمم في طهران وما تقتضيه مصالحه الذي يتصرف بها على طاولات التفاوض لتحسين اوراقه وشروطه .
فكانت البداية في العام ١٩٨٢ حيث سعى على اثر الغزو الصهيوني للبنان متخذاً منه ذريعة لإرسال ضباط وعناصر من الحرس الثوري الايراني لتدريب بعضٌ من الشباب الشيعة المنشقين عن حركة أمل اولا ومن ثم بدأ باستقطاب الشباب واخذ في تلقينهم مباديء التشيع الصفوي ونظرية الولي الفقيه الذي اتبعها الخميني مؤسس دولة الملالي الفرس ، ونتيجة التقارب الايراني السوري في زمن رئاسة حافظ الاسد للنظام السوري بدأ تمدد النفوذ الايراني في لبنان من البقاع الى باقي مناطق لبنان وبعد الحرب الدموية مابين امل وحزب الله والتي ادت الى احتلال حزب الله لاكثرية احياء ضاحية بيروت الجنوبية وبعض المناطق في الجنوب اللبناني الى تمتين سيطرته على مناطق واسعة من البقاع اللبناني حيث يقيم اهم المخيمات والمعسكرات للتدريب على كافة انواع الاسلحة ، وعلى اثرها تمت وساطة سورية – ايرانية ادت الى ضرب المقاومة الوطنية اللبنانية ” جمول ” وافلتت العنان لحركة امل في الادارة اللبنانية وتم حصرية مقاومة الاحتلال الصهيوني فيما تبقى من اراضي لبنانية محتلة فيما كان يُسمى الشريط الحدودي المحتل والتي انسحبت القوات الاسرائيلية منه نتيجة تعهد ايهودا باراك رئيس الوزراء الاسرائيلي من خلال إدراجه بنداً رئيسياً الا وهو الانسحاب مما تبقى من الاراضي اللبنانية في حال فاز في انتخابات العام ٢٠٠٠ ، ونتيجة فوزه في تلك الانتخابات قام بتنفيذ تعهده وانسحب من جهة واحدة ومن دون ادنى تنسيق مع اي طرف اخر إلا ما ذكرته صحيفة ” دير شبيغل الالمانية عن تنسيق واتفاق تحت الطاولة مع حزب الله اللبناني ، وقد ترك الجيش الاسرائيلي عملائه الذين خدموه لسنوات فريسة سهلة بيد حزب الله والذي تساهل كثيراً معهم وقد بدا لنا ذلك قد يكون بنداً من بنود اتفاقية الانسحاب التي لشارت اليها الصحيفة المذكورة .
ونتيجة الدعم اللامحدود من ايران وكرمها الزائد في المال والسلاح التي اغدقته على حزب الله والذي تعدى مايقارب المئتي مليون دولار سنويا ، حيث استتب لها الامر في السيطرة على القرار اللبناني بعد ان اوصل حزب الله ميشال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية في اواخر اوكتوبر من العام ٢٠١٦ ، والذي اتى نتيجة تفاهم السادس من شباط العام ٢٠٠٦ ما بين حزب الله والتيار العوني والذي سُمي ” تفاهم مار مخايل ” والذي أمن لحزب الله التغطية الشرعية المسيحية والرسمية .
هذا على صعيد لبنان ، اما على صعيد العراق والذي اتى رغم كل ما تشدقت به القيادات الايرانية في معاداتها للولايات المتحدة إلا انها تعاونت معها في احتلال العراق حيث دخل جماعة الفرس الايرانيين على ظهر الدبابات الامريكية واستولوا على الحكم في العراق منذ اذار من العام ٢٠٠٣ ، وكلنا يعلم عمليات الاضطهاد التي رافقت كل ماهو عراقي قومي رافض الاحتلال الاميركي والايراني حيث تولى السلطة جماعة ايران وبدعم امريكي واضح وفاضح لنوايا ايران في التدمير الممنهج للدولة العراقية بدءاً من قرار حل الجيش العراقي الذي هزم الايرانيين في الحرب العراقية الايرانية ومن ثم البدء بسياسة بث الانقاسامات المذهبية عدا عن خلق داعش وتسهيل سيطرته على الموصل ومناطق كثيرة من العراق بتواطؤ من رئيس الحكومة العراقية انذاك ” نوري المالكي ” وقياداته وما تلى ذلك من تشكيل لافواج الحشد الشعبي والذي اصبحت على شاكلة حزب الله في لبنان اي جيشين ضمن الدولة الواحدة .
وفي سوريا كانت الخطوة الثالثة حيث اتخذت ايران من الثورة السورية حدثاً للدفع بمليشياتها
” حزب الله اللبناني ، وبقية المليشيات الافغانية والحرس الثوري ” لدخول الحرب دعما لنظام بشار الاسد مما مكن ايران وجعل من وجود مليشياتها المختلفة ضرورة لبقاء نظام بشار الاسد في السلطة وعلى رأس الحكم ، عدا عن ممارسات التغيير الديموغرافي التي تمارسه ادوات ايران حيثُ لازال ممنوع على النازحين السوريين العودة الى املاكهم وارزاقهم نتيجة التدمير الممنهج للمدن والبلدات السورية عدا عن عمليات شراء الاراضي من السوريين لاسيما في دمشق وحمص والسيدة زينب وريف دمشق والغوطتين والقلمون الغربي ، بالاضافة الى عمليات الغزو الثقافي من خلال زرع الحسينيات في المدن والبلدات السوريا لبث التشيع الصفوي في سوريا لخلق نوعاً من التبعية لها من المواطنين السوريين .
وليكتمل مسلسل ضرب الامن القومي العربي اتت عملية الانقلاب في اليمن ولتي نظمتها مليشيا الحوثيين في اليمن ، مما اعطى لايران موطيء قدم على مضيق باب المندب والذي يشكل عائقاً وتهديداً للامن القومي المصري والسعودي لاسيما على خليج العقبة كونه يقع على مدخل البحر الاحمر ومنه بوابة قناة السويس ، عدا عن تهديد الملاحة في البحر الاحمر .
يضاف الى سيطرتها على جزء كبير من مضيق هرمز مما يشكل تهديداً مباشراً لاسواق النفط العالمية نتيجة تحكمه بالصادرات الخليجية من المشتقات النفطية لكل من دول الخليج العربي والتي تشكل مايزيد عن نسبة ٧٠% من صادرات النفط العربية .
في كل ذلك ، نكون في وضعية صعبة على مستوى الامن القومي العربي لتحكم ايران من خلال احتلالها اربعة عواصم عربية وهذا ماتغنى به عدداً كبيراً من القادة الايرانيين سياسيين وعسكريين ، خصوصاً بعد ان وضعت ايران يدها على قطاع غزة الفلسطيني وسلخته عبر ربيبتها حركة حماس وكذلك حركة الجهاد الاسلامي مما سهل عليها ” اي على ايران ” التحكم بورقة ذات اهمية قصوة وهي حزب الله في لبنان وحماس والجهاد في غزة حيث في كل مرة تتعقد فيها الامور مع ايران تتحرك الساحة الفلسطينية في غزة او الورقة اللبنانية وبالتالي تتحقق مصالح ايران على حساب الدم العربي إن في غزة او في لبنان وسوريا والعراق واليمن ، وبالطبع الحوثيين يستنزفون المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ، وطبعاً ذلك يُهدد مصالح حيوية في كلا البلدين إن السعودية او الامارات .
لذلك مطلوب منا كأنة عربية العمل على تحرير العقل العربي من التبعية للخارج والعودة لاستنهاض قومية عربية متطورة تتخذ من الولاء الوطني والقومي اولوية في مواجهة الغطرسة الفارسية والتي استطاعت زرع الانقسام المذهبي في جسد الامة العربية والذي لم تستطع إسرائيل من القيام به على مدى مايُقارب السبعين عاماً .