المحكمة الدستورية تصدر حكما مهما بشأن نقابتي الممثلين والموسيقيين

أصدرت المحكمة الدستورية العليا اليوم السبت، حكما قضائيا، بعدم دستورية ما تضمنه نص الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978، بشأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية.

تنص الفقرة المقضي بعدم دستوريتها على “اشتراط أن يكون الطعن في قرارات أو صحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة، بتقرير موقع عليه من مائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية، وموثقًا على الإمضاءات الموقع بها عليه من الشهر العقاري.

صدر الحكم برئاسة المستشار سعيد مرعي عمرو رئيس المحكمة.

وقال المستشار حمدان فهمى، رئيس المكتب الفني، إن المحكمة قالت إن البيّن من نص الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978المشار إليه، أن ثمة شرطين يتعين توافرهما معًا لجواز الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية، أو في تشكيل مجالس الإدارة، أو القرارات الصادرة منها:

أولهما، أن يكون هذا الطعن مقدمًا من مائة عضو على الأقل من الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية للنقابة، ليكون انضمامهم إلى بعض نصابًا للطعن، فلا يقبل بعدد أقل، وثانيهما، أن يكون الطعن مستوفيًا شكلية بذاتها، قوامها أن تكون توقيعاتهم على تقرير الطعن، موثقًا عليها جميعًا من الشهر العقاري.

وقال إن الشرطين المتقدمين ينالان من حق التقاضي، ويعصفان بجوهره، وعلى الأخص من زاويتين. أولاهما: أن الدستور كفل للناس جميعًا – وبنص المادة 97 – حقهم فى اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي، لا يتمايزون في ذلك فيما بينهم، فلا يتقدم بعضهم على بعض فى مجال النفاذ إليه، ولا ينحسر عن فئة منهم، سواء من خلال إنكاره أو عن طريق العوائق الإجرائية أو المالية التي يحاط بها، ليكون عبئًا عليهم، حائلاً دون اقتضاء الحقوق التى يدعونها.

ويقيمون الخصومة القضائية لطلبها، ذلك أنهم يتماثلون في استنهاض الأسس الموضوعية التى نظم المشرع بها تلك الحقوق لضمان فعاليتها، فقد كفل الدستور لكل منهم – سواء أكان شخصًا طبيعيًّا أم معنويًّا – الحق في الدعوى، ليكون تعبيرًا عن سيادة القانون، ونمطًا من خضوع الدولة لقيود قانونية تعلوها، وتكون بذاتها عاصمًا من جموحها وانفلاتها من كوابحها، وضمانًا لردها على أعقابها إن هي جاوزتها، لتظهر الخصومة القضائية بوصفها الحماية التي كفلها القانون للحقوق على اختلافها، وبغض النظر عمن يتنازعونها، ودون اعتداد بتوجهاتهم، فلا يكون الدفاع عنها ترفًا أو إسرافًا، بل لازمًا لاقتضائها وفق القواعد القانونية التي تنظمها.

ثانيتهما: أن الخصومة القضائية لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل غايتها اجتناء منفعة يقرها القانون، تعكس بذاتها أبعاد الترضية القضائية التى يطلبها المتداعون، ويسعون للحصول عليها تأمينًا لحقوقهم. وهم بذلك لا يدافعون عن مصالح نظرية عقيمة، ولا عن عقائد مجردة يؤمنون بها، ولا يعبرون فى الفراغ عن قيم يطرحونها، بل يؤكدون من خلال الخصومة القضائية تلك الحقوق التى أُضيروا من جراء الإخلال بها، ويندرج تحتها ما يكون منها متعلقًا بمجاوزة نقابتهم للقيود التى فرضها الدستور عليها، لتنفصل حقوقهم هذه، عن تلك المصالح الجماعية التى تحميها نقابتهم بوصفها شخصًا معنويًّا يستقل بالدفاع عنها فى إطار رسالتها وعلى ضوء أهدافها والقيم التى تحتضنها. وهو ما يعنى أن تأمينها لمصالح أعضائها – منظورًا إليها فى مجموعها – لا يعتبر قيدًا على حق كل منهم فى أن يستقل عنها بدعواه التى يكفل بها حقوقًا ذاتية يكون صونها ورد العدوان عنها، متصلاً بمصلحته الشخصية المباشرة، ليتعلق بها مركزه القانونى الخاص فى مواجهة غيره، فلا ينال من وجوده – ولو بنص تشريعى – قيد تقرر دون مسوغ.

وأضاف أن الطعن على قرار معين – وكلما توافر أصل الحق فيه – لا يجوز تقييده فيما وراء الأسس الموضوعية التي يقتضيها تنظيم هذا الحق، وإلا كان القيد مضيقًا من مداه أو عاصفًا بمحتواه، وكان حق النقابة ذاتها فى تكوينها على أسس ديمقراطية، وكذلك إدارتها لشئونها بما يكفل استقلالها، ويقظتها فى الدفاع عن مصالح أعضائها، وإنمائها للقيم التى يدعون إليها فى إطار أهدافها، ووعيها بما يعنيهم، ومراجعتها لسلوكهم ضمانًا لصون الأسس التى حددها الدستور بنص المادتين (76، 77) منه، وإن كان كافلاً لرسالتها محددة على ضوء أهدافها، وبمراعاة جوهر العمل النقابى ومتطلباته، إلا أن انحرافها عنها يقتضى تقويمها، ولا يكون ذلك إلا بإنزال حكم القانون عليها، باعتباره محددًا لكل قاعدة قانونية مجالاً لعملها، ومقيدًا أدناها بأعلاها، فلا تكون الشرعية الدستورية والقانونية إلا ضابطًا للأعمال جميعها، محيطًا بكل صورها، ما كان منها تصرفًا قانونيًّا أو متمحضًا عملاً ماديًّا، فلا تنفصل هذه الشرعية عن واقعها، بل ترد إليها أعمال النقابة وتصرفاتها جميعًا، ليكون تقويمها حقًّا مقررًا لكل من أعضائها، بقدر اتصال الطعن عليها بمصالحهم الشخصية المباشرة.
وأكد أن نص الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978 المشار إليه، قد نقض هذا الأصل، حين جعل الطعن على صحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة، أو فى القرارات الصادرة منها، نصابًا عدديًّا، فلا يقبل إلا إذا كان مقدمًا من مائة عضو على الأقل من عدد الأعضاء الذين حضروا اجتماع تلك الجمعية، ليحول هذا القيد – وبالنظر إلى مداه – بين من يسعون لاختصامها من أعضائها، وأن يكون لكل منهم دعواه قبلها يقيمها استقلالاً عن غيره، ويكون موضوعها تلك الحقوق التى أخل بها القرار المطعون فيه، والتى لا يقوم العمل النقابى سويًّا دونها، وهى بعد حقوق قد تزدريها نقابتهم أو تغض بصرها عنها، فلا تتدخل لحمايتها ولو كان اتصالها برسالتها وتعلقها بأهدافها، وثيقًا.

وقد افترض النص المطعون فيه كذلك، أن أعضاء الجمعية العمومية – الذين جعل من عددهم نصابًا محتومًا للطعن فى قراراتها – متحدون فيما بينهم فى موقفهم منها، وأنهم جميعًا قدروا مخالفتها للدستور أو القانون، وانعقد عزمهم على اختصامها تجريدًا لها من آثارها وتعطيلاً للعمل بها، لتتخلى نقابتهم عنه، وهو افتراض قلمًا يتحقق عملاً، ولا يتوخى واقعًا غير مجرد تعويق الحق فى الطعن عليها من خلال قيود تنافى أصل الحق فيه، ليكون أفدح عبئًا، وأقل احتمالاً.

وأنه في ضوء ذلك، فإن النص التشريعى المحال يغدو مصادمًا لنصوص المواد (76، 77، 94، 97) من الدستور الحالى، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.

    بكره أحلى

    رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    زر الذهاب إلى الأعلى

    أنت تستخدم إضافة Adblock

    برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock