في إحدي الحلقات وانا اتحدث عن ملف تطوير التعليم تحدثت عن موضوع التعلم عن بعد التعليم وهو يطبق في كثير من الدول الأوربية ويسمي بالإنجليزية: Distance Learning) وهو أحد طرق التعليم الحديثة نسبياً.
و يعتمد مفهومه الأساسي على وجود المتعلم في مكان يختلف عن المصدر الذي قد يكون الكتاب أو المعلم أو حتى مجموعة الدارسين. وقلت أن هناك خطأ شائع في اعتبار أن التعليم عن بعد هو مرادف للتعليم عبر الإنترنت، و في واقع الأمر فإن التعليم من خلال الإنترنت هو أحد وسائل التعليم عن بعد و لكن نظرا لانتشار الأول فإنه اعتبر في أحيان كثيرة مرادفا للتعلم عن بعد. وتحدثت عن تجربة أحد المعلمين التابعين للمعاهد القومية في استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في تطبيق نظام التعلم عن بعد، ومن الجدير بالذكر أن هذا المعلم هو صاحب فكرة الإمتحان الإكتروني الذي أتمني أن تطبقه وزارة التربية والتعليم.وقلت أنه ان الأوان لذلك اختصارا للوقت والجهد . وأنه لو فعل كل المعلمين مثلما فعل هذا المعلم لحل الكثير من المشاكل لدي الطلاب وأولياء الأمور .فقد قام باستخدام تقنية الواتس آب في إرسال كل ما يريده طلابه من فيديوهات تعليمية خاصة بالمنهج الذي يدرسه وإرسال أسئلة للطلاب علي المنهج بأكمله ,وقام أيضا بشرح كل جزئية في المنهج بصوته كأنه في الفصل الدراسي بالضبط وتم عمل دروس لطلابه من خلال الواتس ليقوموا بالتفاعل وطرح الأسئلة وهو بدوره يجيب عليها مباشرة .وقد أبدي الطلاب وأولياء الأمور إعجابهم الشديد بهذا الاسلوب.وقالت إحدي الطالبات مثلا في اتصال هاتفي “أنني كنت أعاني من الضوضاء في الفصل الدراسي وعدم القدرة علي التركيز وعدم الفهم الجيد لأن “مستوايا ضعيف “ولكن بعد هذه التجربة استطعت من خلال التواصل علي جروب الواتس الذي صنعه معلمي أن أسمع واشاهد كل الفيديوهات التعليمية في المنزل بمنتهي الارياحية والهدوء النفسي بعيدا عن التوتر داخل المدرسة ,واستفدت كثيرا من شرح المعلم بصوته لكل جزئية في المادة بأسلوب مبسط وامامي الكتاب المدرسي وأستطيع إعادة التسجيل الصوتي للمعلم أكثر من مرة وفي أي وقت، واحل التدريبات علي الدرس بمساعدته أيضاً .اتصلت أيضاً إحدي أولياء الأمور وقالت أنها استطاعت ولاول مرة ان تستفيد من تقنية هذا المعلم وانها كانت تستمع مع ابنها لكل ما يرسله المعلم وسؤاله في أي جزئية لا يفهمها ابنها، وبالتفاعل علي الجروب استطاعت فهم المنهج ومساعدة ابنها ايضا في ذلك وقالت انها تتمني ان يقوم كل معلم باستخدام التكنولوجيا الحديثة لمساعدة ابنائهم لان ذلك سيقضي تماما علي ظاهرة الدروس الخصوصية. وقال هذا المعلم أنه في إحدي الاجتماعات مع توجيه الإدارة التابع لها أنه وجد الكثير من المعلمين يشتكون من قصر الترم الثاني لهذا العام الدراسي بسبب أسبوع الإنتخابات الرئاسية والتي تعتبر واجب وطني، وطالب معظم هؤلاء المعلمين بحذف اجزاء من المنهج, فاذا به يطرح الحل وقال لهم أنني باستخدام تقنية مثل الواتس اب اتفاعل يوميا مع طلابي وارسال لهم شرح الجزء المقرر حسب خريطة المنهج وبذلك استطاع حل مشكلة اي اجازات استثنائية.يقول ايضا أنه يفكر مع طلابه في استثمار الإجازة الصيفية بعمل شبه كورسات مبسطة للطلاب المهتمين بذلك، لكنه يتمني ان تتفهم الادارات قيمة واهمية ذلك بتشجيع هؤلاء الطلاب بأي طريقة مناسبة تجعلهم يقبلون علي ذلك. في الحقيقة إن كان هذا المعلم إستخدم ما يستطيعه من امكانات وهي تقنية مثل الواتس آب والفيس بوك بعمل جروبات لطلابه والتفاعل معهم،قلت فما بالنا لو قامت الوزارة بتبني ذلك الأمر واستخدام كل الطرق الحديثة في تطبيق التعلم عن بعد ،لأننا سنتطيع حل مشاكل عديدة منها مشكلة الكثافة العددية داخل الفصول المدرسية ,والحد بدرجة كبيرة من ظاهرة الدروس الخصوصية التي تستنزف المليارات من أولياء الأمور خصوصا في ظل هذه الظروف الإقتصادية وستكون فرصة للطلاب الضعاف في تحسن أدائهم، وستعطي الفرصة لولي الأمر من معرفة ما يحصله إبنه وبذلك سيكون شريكا في العملية التعليمية, وايضا سيتم استثمار الطلاب المميزين بإرسال المزيد من التدريبات التي تناسب مستواهم لأنهم أحيانا يظلموا بسبب مساواة المعلم لجميع الطلاب داخل الفصل,وسيساعد في تنميةوتطبيق أنماط التعلم المختلفة سواء اذا كان الطالب سمعي أو بصري لأنه سيسمع ويري ما يتعلمه في جو هادئ، ولن يضطر الطالب في هذه الحالة للذهاب للمدسة يوميا وإهدار الكثير من الوقت لغياب بعض المعلمين مثلا. وفي هذه الحالة سنخفض من عدد المعلمين داخل المؤسسةالتعليمية لأن المعلم في هذه الحالة سيتمكن من عمل جروبات لكل فصل دراسي ،وما سيرسله لفصل واحد يستطيع إرساله لعشرة فصول في وقت واحد، لأني أعلم أن الكثير من المعلمين يشتكون دائما من ثقل وكثرة الحصص علي الرغم من انه يتعامل مع فصل او اثنين او ثلاثة علي الأكثر لكنه يضيع معظم وقته في التعامل مع الشغب وعدم النظام التي تصل للفوضي أحيانا وتكون محصلة الحصة الدراسية الفعلية دقائق معدودة وبالتالي تكون المحصلة لدي الكثير من الطلاب ضعيفة جدا بسبب كل هذه العوامل . أتمني ان نري في القريب العاجل استنساخ هذا النمط لأنه من السهولة بمكان أن يستخدمه الكثير من المعلمين في مختلف المواد ,وهذا لن يأتي إلا بالشعور بالمسؤلية تجاه وطننا وطلابنا اللذين هم ابناؤنا وبوازع من الضمير والإرادة والتحدي والمضي قدما في التطوير الحقيقي لأن هذا لن يكلف أي معلم شئ .وأعلم أن هناك القلة من المعلمين سيعتبرونني حالما او أعيش في المدينة الفاضلة وسيقولون وكيف نترك الدروس الخصوصية التي نتربح منها؟ وكيف نعيش ونطعم اولادنا ونلبي احتياجاتهم بهذا الراتب الضئيل؟ لكنني علي يقين أيضاً من ان هناك الكثير من المعلمين الشرفاء الذين يرغبون في تطوير حقيقي وذو وعي وضمير حي، متخذين من أنفسهم مصابيح وشموع تحترق كي تضئ لأبنائنا الطريق….مش كده ولا ايه؟