جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس مجلس الإدارة والتحرير وجدى وزيرى
أصعب شئ لا يتحمله شعب في أي دولة، هو بلا أدني شك “طمث الهوية الوطنية” و محو الجنسية القومية، ليصبح الشعب عديم الأهلية الوطنية ،
و ليس له شخصية إعتبارية قانونية معترف بها أمام دولته ، عاجز عن إثبات الهوية لممارسة جميع حقوقه المدنية،
كما تنص عليها جميع الدساتير في جميع الأنظمة التي بتعترف بالديقراطية، و الشرعية الدستورية، و القانونية كالحق في ثبوت النسب عند الميلاد ،و النوع ،
و الجنس، و الديانة،
و عنوان الإقامة ،
فضلا علي ممارسة كافة حقوقة المدنية التي كفلها القانون كالحق في العمل، و الزواج، و التعليم، و حرية التنقل ،
و السفر ،و ممارسة حرية الرأي الإنتخابي ، و غيرها من الحقوق.
و لا شك أن طمث الهوية لأي شعب في أي دولة هو الهدف الأسمي الذي سعت إليه محور الشر في العالم و في مقدمتهم الولايات المتحدة، و حلفاؤها في المنطقة العربية كدولة الصهاينة و تركيا ، و قد تم الإعداد لهذا المخطط الشيطاني لمشروع الشرق الأوسط الجديد ،و تم البدء في تنفيذه بالفعل منذ عام 2011 في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما ،و الذي سمي في عهده بعصر الربيع العربي، و يهدف الي تقسيم العالم العربي عدة دويلات صغيرة تتناحر فيما في إطار ما سمي في ذلك الحين
” بالفوضي الخلاقة” لينشر داخل هذه الدويلات الصراعات الطائفية ،
و التكتلات المذهبية ،
بهدف إعمال الفوضي لتدخل الدول بهد ذلك
في أعمال إرهابية لا نهائية و التي رأيناها في العديد من الدول العربية تحت مسميات عديدة من التنظيمات الإرهابية أمثال “تنظيم القاعدة” في العراق و بلاد الشام ثم تحول الي “تنظيم داعش ” ثم إنشق منها” تنظيم النصرة ” ثم تحول الي القوات العسكرية لتحرير الشام” ،و جميع هذه التنظيمات وصفت بالإرهابية و إدخلت في قائمة الإرهاب أو الراعية للإرهاب ،
و التي تم دعمها من حيث التمويل و التدريب و التسليح في مناطق و قطاعات كبيرة من بعض الدولة كالعراق و سوريا و إيران و ليبيا و بعض مناطق في سيناء الي جانب بعض المناطق منها باكستان و أفغانستان و إيران التي سميت بدول راعية للإرهاب.
و بالأمس القريب و أنا أتابع بإهتمام بالغ الشأن السوري و تتبع الأخبار التي تعرض في القنوات الفضائية الإخبارية و ما تتناوله بالبحث و التحليل وكالات الأنباء العالمية و التقارير المعلوماتية في شبكات و مواقع التواصل الاجتماعي إذ عرض أمامي خبر يمكن أن يوصف بالأهمية و الخطورة في آن واحد
و هو قيام الطيران الصهيوني بتدمير مراكز الأحوال المدنية و الجوازات و كافة مقرات سجلات المخابرات و الأمن السوري ، و بذلك أصبحت سوريا خالية تماما من المستندات و الشهادات الرسمية و الوثائق الشخصية الثبوتية للشعب السوري بأكمله و التي تحفظ جميع البيانات ،
، و المعلومات ،و المؤيدة بالمستندات لجميع المواطنين من لحظة الميلاد و حتي الوفاة
و هي مستندات و أوراق و شهادات و بيانات علي جانب كبير من الأهمية فأصبحت هذه الوثائق ليس لها وجود بعد تدميرها بالهجوم الجوي لطائرات تابعة لدولة الإحتلال الصهيوني.
و بذلك أصبحت سوريا دولة تتصارع و تتكالب عليها من دول لا يهمها غير مصالحها الجيوسياسية تنفيذا لأجندتها لتوزيع المصالح و الثروات و المطامع الإقتصادية بالإضافة الي التمركز و التواجد في موقع سوريا الإستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط و تم توزيع هذه المطابع علي كل من تركيا و دولة إ س ر أ ئ ل تحت إشراف و تخطيط الولايات المتحدة و قامت هذه الأخيرة برصد مكافأة مالية قدرها 20 مليون دولار لكل من يدلي بمعلومات عن المطلوب القبض عليه أو تصفيته و هو أحمد الجولاني الذي غير أسمه الي أحمد الشرع و هو زعيم إرهابي تابع لتنظيم داعش و جيش النصرة لبلاد الشام في سوريا .
والآن و بعد هذه الأحداث فقد فرض الجولاني علي سوريا فرضا و بدأت الولايات المتحدة تعيد النظر في إعادة هندسة
و تقييم مواقفها ببحث إخراج ما يدعي زعيم القوات العسكرية لتحرير الشام من قائمة التنظيم الإرهابي المدعو أحمد الشرع و هو يعتبر أول قرار سيتخذه رئيس الولايات المتحدة ترامب عقب تسلمه مقاليد السلطة في البيت الأبيض بعد أن قدم المدعو أحمد الجولاني أوراق أعتماده كمرشح لخلافة الرئيس السوري بشار الأسد .
و فرضت الولايات المتحدة شروطها و مطالبها علي أحمد الجولاني و أهمها حماية التواجد العسكري الأمريكي علي الحدود الشمالية الشرقية لسوريا لتأكيد تواجدها العسكري في منطقة الشرق الأوسط و ذلك بهدف لإبعاد التواجد
الروسي في المنطقة ككل عن سوريا
وبذلك تكون الولايات المتحدة حاضرة عسكريا قي سوريا بأكثر من 17 قاعدة عسكرية و أكثر من 13 نقطة عسكرية، كما أنتهزت الفرصة دولة الإحتلال بالإستحواذ هي الأخري في سوريا بنصيب الأسد في توزيع المغانم و النفوذ الإقليمي في سوريا ،فقد أستولت علي الجنوب بالكامل المتمثل في الجولان من قبل كما أضافت الإستيلاء علي أهم نقطة إستراتيجية في المنطقة بأكملها ،و هي جبل الشيخ ، كما وضعت أجهزة متقدمة من الرادارات لرصد أي حركة عسكرية لثلاثة دول هي العراق و لبنان و الأردن و نجد تركيا أيضا وضعت يدها علي أكثر من 126 قاعدة عسكرية و أكثر من 115 نقطة عسكرية و تركيا تدير المشهد بالكامل كما أعلنت أنها ستستحوذ علي كل من مدن أدلب و حلب في أقصي غرب سوريا و ستضمها الي حدودها الإقليمية ليعلن أردوغان عودة تلك المدن الي عاصمة الدولة العثمانية ليعيد حقه الموروث الشرعي له ، كما نصب أردوغان نفسه الوصايا علي سوريا و المتحكم في زمام الأمور علي مجريات الأمور في الشأن السوري،
كما تتواجد القوات العسكرية الروسية في كل من مدينتي طرطوس و حميميم في أقصي شرق سوريا .
بعد هذا العرض المتقدم نستطيع القول بل نؤكد بأن سوريا أصبحت دولة متعددة الجنسيات و الجيوش و الطوائف و الفصائل العسكرية.
و موقف مصر من هذه الأحداث ثابت وواضح و علي يقين بأنها مع الحفاظ علي الهوية السورية كدولة عربية شقيقة إيمانا منها لتعزيز القومية العربية في العالم العربي و في نفس الوقت مصر ضد أي تدخلات أجنبية عسكرية في الشأن الداخلي السوري و رفضها القاطع فرض إيملاءات و شروط بالقوة و بالإكراه علي النظام السوري و حرية الدولة السورية في حق تقرير مصيره في إختيار رئيسه بالطرق الديمقراطية و بالإنتخاب الحر المباشر طبقا للقنوات الشرعية
و الدستورية.
فمصر ليست ضد بشار الأسد و لا ضد نظامه كما أن مصر لا تؤيد و لا تدعم أي مؤامرات تحاكي أي دولة عربية أو تمس الأمن القومي العربي اذا كان لهذا المصطلح وجود من أصله .
و أمام هذا المشهد المأسوي الكئيب الذي رفع معدل القلق و التوتر لأقصى درجة في كافة دول المنطقة، نجد أننا أمام لحظات فارقة غير مسبوقة تمر علي دولة عربية نكن لها كل الاحترام و التقدير .
و هكذا فإن محور الشر و علي رأسهم دولة الصهاينة قد جاءت لهم الفرصة من طبق من ذهب بعد احداث السابع من أكتوبر 2023 ، فقد درسوا جيدا المنطقة قبل التحرك الأخير في سوريا و كيفية تفادي الأخطاء التي وقعوا فيها في عام 2013 فأول شئ قامت به عصابات الجولاني عند إسقاط دمشق هو السيطرة علي مبني الأعلام ، فهو بمثابة الهيمنة علي وسائل الإتصال و مركز المعلومات و نقل الأخبار و مصدر توجيه الرأي العام للشعب السوري داخل الدولة ،و كما ذكرنا قامت طائرات الصهاينة كما رأينا قامت بتدمير البنية التحتية المعلوماتية و هي مراكز الأحوال المدنية و الجوازات و الجنسية ، كما قامت أيضا بجريمة بشعة و هي تصفية العلماء و الخبراء في التخصصات العلمية و التطبيقية في علوم الفيزياء و الكيمياء و الفضاء و علوم الذرة و ذلك لمنع سوريا مستقبلا من تصنيع أي أسلحة بيولوجية أو كيميائية أو ذرية تهدد دولة صهيون .
كما قامت هذه الأخيرة بتدمير القوات المسلحة علي الأرض و ترسانة الأسلحة و الذخيرة و كذلك القضاء علي قوات الشرطة و هو الأمن الداخلي مما جعل من سوريا دولة مهيأة تماما لذرع العملاء و الجواسيس المأجورين معدومي الهوية الوطنية بهد فقد بطاقات الهوية
و الثبوتيةالخاصة بهم
و جعلهم فريسة سهلة و يمكن تجنيدهم بعد ضياع هويتهم الوطنية .
كلمة أخيرة علينا كشعب مصر أن نكون علي أعلي درجات اليقظة و الحرص و الحيطة لحماية وطننا مصر حتي لا نصبح كدولة فقدت هويتها الوطنية وطنا و شعبا و جيشا كما حدث في سوريا التي كانت دولة و لكنها ضاعت و أصبحت متعددة الجنسيات و مجهولة الهوية .
كما ادعوا شعبنا للوقوف خلف رئيسها و نمنحه الثقة الكاملة له و منح جميع الصلاحيات اللازمة لمواجهة اي تهديدات خارجية من خلال قواتنا المسلحة الباسلة للدفاع عن وطننا ضد من تسول له نفسه زرع الفتن،
و المؤامرات التي تمس الأمن القومي المصري ،
و عدونا لا يريد لنا السلام و الاستقرار و الأمن .
فنحن مقبولين علي مرحلة تاريخية قد تستمر سنوات لن نسمع فيها عن سوريا الإ الجولاني أو أحمد الشرع فحسب الذي نصب نفسه زعيم لسوريا و محررها الجديد ،
و علينا أيضا أن نحصن أنفسنا من غسيل العقول و مسح الهوية الوطنية
و نحمي أنفسنا من الشعارات الكاذبة
و الإشاعات المضللة
و الأفكار الهدامة ،و الآراء المضللة حتي لا ندخل لا قدر الله النفق المظلم أو في عالم مجهول .
حفظ الله مصر و حماها من أعدائها في الداخل و الخارج.