**طبق كشري** قصة قصيرة

جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس مجلس الإدارة والتحرير وجدى وزيرى
قصة قصيرة
بقلم الاعلامي خالد سالم

في زحام القاهرة المعتاد، كان صوت الباعة يتداخل مع أصوات السيارات وأبواقها، ليشكلوا جميعًا سيمفونية يومية تعود عليها سكان المدينة. في قلب هذا الزحام، كانت سلمى تقف أمام محل الكشري الشهير في حي الحسين، تراقب بعينين متلألئتين البخار المتصاعد من الأواني النحاسية الكبيرة.
والتي تعزف مكوناتها ايضا سيمفونية شهية الطعم و الالوان مابين اسود العدس و ابيض الارز و احمر. الصلصة كأنها علم الوطن
سلمى تعمل موظفة بسيطة في إحدى الشركات، تجد في تناول الكشري متعتها الخاصة بعد يوم عمل طويل ومرهق. بالنسبة لها، الكشري لم يكن مجرد طعام، بل كانت رمزًا للراحة والدفء الذي تحتاجه بعد يوم مليء بالتحديات.

اقترب منها بائع الكشري بابتسامته الودودة، قائلًا: “طبق الكشري المعتادة يا مدام سلمى؟” أومأت سلمى برأسها مبتسمة، ومدت يدها لتتناول الطبق التي أصبحت جزءًا من طقوسها اليومية.

بينما كانت تتناول الكشري في زاوية صغيرة، جلس بجانبها شاب يبدو عليه الإرهاق الشديد. كان يرتدي ملابس بسيطة ويحمل حقيبة صغيرة على كتفه. بادرها بالتحية قائلًا: “السلام عليكم، هل يمكنني الجلوس هنا؟”

ردت سلمى بابتسامة: “وعليكم السلام، بالطبع تفضل.”

بدأ الشاب في تناول طبق الكشري بصمت، لكن ملامحه كانت تشير إلى أنه يحمل في جعبته الكثير من القصص. لم تستطع سلمى مقاومة الفضول، فسألته: “يبدو أنك لست من هنا، أليس كذلك؟”

أجابها بابتسامة باهتة: “نعم، أنا من الريف، جئت إلى القاهرة بحثًا عن فرصة عمل.”

تابعت سلمى الحديث معه، واكتشفت أن اسمه أحمد، وأنه يحاول جاهدًا توفير حياة كريمة لعائلته التي تركها خلفه في القرية. كانت قصته تشبه الكثير من القصص التي سمعتها من قبل، لكنها شعرت برغبة قوية في مساعدته.

بعد أن انتهيا من تناول الكشري، أخرجت سلمى من حقيبتها ورقة وقلماً، وكتبت له عنوان الشركة التي تعمل بها، وقالت: “لماذا لا تأتي غدًا في الصباح؟ ربما أستطيع مساعدتك في العثور على وظيفة.”

أحمد شكرها بحرارة، وعيناه تلمعان بالأمل. كانت تلك اللحظة بمثابة نقطة تحول في حياة أحمد، فقد استطاع بفضل مساعدة سلمى أن يبدأ عملًا جديدًا يضمن له ولعائلته حياة أفضل.

أما سلمى، فقد عادت إلى بيتها تلك الليلة وهي تشعر بسعادة غامرة. أدركت أن طبق الكشري ليس مجرد طعام بالنسبة لها، أصبح جسرًا يجمع بين الناس ويصنع فرصًا جديدة.

في اليوم التالي، بينما كانت تتوجه إلى عملها، وقفت أمام محل الكشري ، لكنها هذه المرة كانت تشعر بأن الكشري يحمل في طياته أكثر من مجرد طعام؛ كانت تحمل قصة أمل وتواصل بين الغرباء في زحام المدينة.

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock