جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس مجلس الإدارة والتحرير وجدى وزيرى
المشهد في الأحداث الجارية في غزة علي المستوي الدولي، يظهر بجلاء و يمكن وصفه بأنه في غاية التعقيد و الإرتباك ، و من وجهة نظري أري أنه تعارض مصالح ، كل طرف في هذا الصراع الدائر في غزة يضع كل من الولايات المتحدة الامريكية و إسرائيل و حماس في مفترق طرق و كل طرف منهم يشد الحبل بقوة في أتجاهه علي حساب الطرف أو الأطراف الأخري ، طبقا لما تمليه مصالحه و في ظل أوضاعه السياسية المتأرجحه في الداخل بين شد و جذب و قد يخشي إنقطاع الحبل أو الخيط الرفيع أو يكاد و حينئذ قد يفقد كل طرف المكاسب و الأرباح التي يمكن أن يجنيها من وراء ما يسمي التوازنات و المصالح الذاتية بما لها و ما عليها .
نأتي للولايات المتحدة الامريكية و رئيسها بايدن فنجد أنه قد وضع خارطة طريق و أقترح الوقف النهائي للحرب الإسرائيلية و الإفراج عن الرهائن ، و هذا الإقتراح سمي ” صفقة بايدن” بمراحلها الثلاثة و ظل منتظر ردود أفعال كل من إسرائيل و حماس في الطرح المعروض منه و قد أعلن بايدن تحزيراته لأسرائيل عقب عرض الطرح لمشروع إنهاء الحرب في قطاع غزة و عودة الرهائن الإسرائيليين لدي حماس ، و قد وصفها بايدن تعليقا لهذه الصفقة بأنها صفقة الفرصة الأخيرة لإسرائيل و حماس لإنهاء الحرب و عدم المضي لإستمرار حالة الحرب اللانهائية و في حالة رفض إسرائيل هذا المقترح فإن الوضع سيتفاقم و يتصاعد و يتأزم و لا أحد يتوقع ما سيتحقق من كارثة إنسانية تفوق كل تصور .
و ينظر بايدن لهذه الصفقة بأنها رهان مستقبله السياسي بأن يضع أسمه و يخلده في سجل التاريخ و هو الذي وضع حجر الأساس للحد من تطورات هذه الحرب التي استمرت أكثر من ثمانية شهور و خلفت أكثر من ستة و ثلاثون ألفا من المدنيين الفلسطينين معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة و التي لا تزال نار الحرب تحت الرماد و لم تخمد بعد .
و هذه الحرب تضع مستقبل بايدن علي المحك السياسي و التي بدأت حملة الإنتخابات الرئاسية علي الأبواب في شهر نوفمبر القادم في ظل تراجع شعبيته السياسية في الولايات المتحدة الامريكية، و أخذ بايدن علي عاتقه الوصول الي موافقة الجانب الإسرائيلي علي هذه الصفقة أو تكاد و قد بدأت صرخاته و تصريحاته في التزايد و التصاعد خاصة بعد تصريحات ترامب الأخيرة أمام شاشات التلفزيون بأنه الرجل الوحيد الذي يستطيع أن ينجح في إنهاء هذه الحرب في غزة بصفة نهائية و عودة الرهائن الإسرائيليين لدي حماس مهددا بذلك بايدن و كأنه يرسل رسالة شديدة اللهجة علي قدرته علي وضع حد لهذه الحرب ، و هذا التصريح يشكل في حد ذاته ضغط سياسي كبير علي بايدن في حملته الانتخابية في سباق الرئاسة الأمريكية ،
و ما يزيد الأمور تعقيدا و إرتباكا هو دعوة الرئيس الأمريكى بايدن لرئيس مجلس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو لإلقاء كلمة أمام الكونجرس الأمريكي يوم الخميس13 يونيه الشهر الحالي و هذه الكلمة في الواقع أما ستكون طوق نجاة لمستقبل نتنياهو السياسي معبرا عن موافقته علي صفقة بايدن لوقف الحرب في غزة و تبادل الرهائن و عودة و إستئناف الحياة و الإستقرار في قطاع غزة و عودة المدنيين الي قطاع غزة ، و أما أن تكتب كلمة النهاية التي لا يريدها أي طرف ختاما لصفقة بايدن التي ستكون في طريقها للفشل .
أما الطرف الثاني في هذا المشهد هو بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل فهو واضع نفسه في مأزق سياسي بين نارين إرضاء خصومه السياسيين في حكومة الحرب و إرضاء حليفه الولايات المتحدة الامريكية و حتي الآن لا يزال يرضخ لهؤلاء الوزراء في حكومته المتشددين
و لم يستطيع إيجاد حلول و هم أصبحوا عبئا سياسيا لا يستطيع الفكاك منه و هم بين الحين
و الآخر يهددوا نتنياهو بالرضوح لتنفيذ طلباتهم التي تتمثل في عدم إيقاف الحرب الإ في حالة القضاء علي حماس نهائيا و الإفراج عن الرهائن أو ما تبقي منهم و عودتهم الي ذويهم ، و قد يلجأ نتنياهو الي حل لهذه الأزمة الخانقة للتخلص من هؤلاء الوزراء المعارضين لسياسيته هو الإلتجاء الي حل البرلمان الإسرائيلي و دعوة الناخبين الي إجراء إنتخابات برلمانية من جديد ليشكل أعضاء جدد لوزارته دون هؤلاء الوزراء، و هي محاولة محفوفة بالمخاطر لأن نتنياهو فقد شعبيته أمام الناخبين بعد حرب السابع من أكتوبر من العام الماضى و لا يضمن فوزه في الإنتخابات جراء ذلك و أنه عرضة لإحالته لمحاكمة عن جرائمه و فشله الذريع لأدارته لحرب غزة و عدم الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين لدي حماس و أنه بذلك يكون قد دق مسمار أخير في نعشه السياسي إن صح التعبير.
أما موقف الطرف الثالث و هو حماس يبدو لي أن أوراق لعبة المفاوضات الضاغطة لدي قادتهم لازالت متاحة و وصفهم بالمنتصرين حتي الآن في حربهم ضد إسرائيل، غير أن بايدن و خطته لحل الأزمة و حلحلة الموقف من إنهاء الحرب و عودة المحتجزين لديهم و تبادل الأسري الفلسطينين لا تلبي جميع مطالبهم الأ و هي في أعتقادي إنسحاب إسرائيل الشامل من قطاع غزة ووقف الحرب نهائيا ، و هي تريد الخروج من الحرب التي أشعلتها في غزة و هي منتصرة ، و الأهم من ذلك في رأى أن خطة بايدن لا تشمل خطة الخروج الآمن لقادة حماس و جنودها من قطاع غزة كما لا يوجد في هذه الخطة أي ضمانات فعلية بعدم مطالبة إسرائيل بملاحقة قادة حماس و تصفية زعمائها في أي مكان او في اي ملاذ آمن لهم عقب إنهاء الحرب و تسليم كامل الرهائن..
إذن الصورة الآن لاتزال ضبابية و لم تحسن حتي اللحظة و لم تتضح معالمها او وضع حد نهائي لها ، و كما هو ظاهر في العرض السابق، كل طرف يحاول و يناور و يلعب بما يملك من أوراق للضغط علي الطرف أو الأطراف الأخرى.
ماذا سيحدث في الأيام القليلة القادمة من تطورات ؟ ربما قد تأتي بجديد .