جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس مجلس الإدارة والتحرير وجدى وزيرى
الحقيقة التي فرضت نفسها و ما شهدته من أحداث أخيرة و هو ما يمكن أن يسمي ” توتر ” في العلاقات المصرية الإسرائيلية بشأن غزة ،و السبب المباشر هو إقدام إسرائيل علي الهجوم البري علي رفح و الذي وصفته إسرائيل نفسها علي لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو و ما هو متداول في الصحف العالمية و بالأخص صحيفة “Wallstreet Jornal ” [بالهجوم المحدود] . و الحقيقة علي الأرض هو دخول إسرائيل معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني بالقرب من الحدود المصرية و هدف إسرائيل المعلن هو القضاء على حماس أو ما تبقي منهم و الذي وصفته الجريدة المذكورة ب ” فلول” كتائب حماس التي كما يقال ما تبقي منهم سوي عدد 4 كتائب فقط و أيضا محاولة القضاء على زعماء حماس و هو ما أثار غضب مصر نتيجة قيام إسرائيل بهذا الهجوم البري دون التنسيق المسبق مع مصر و دون إخطارها بهذا الهجوم بوقت كاف . و بذلك تكون إسرائيل قد أحكمت سيطريتها علي كامل قطاع غزة من الناحية الشمالية و الشرقية و الآن جاء دور هيمنتها علي جنوب قطاع غزة و تحديدا رفح الفلسطينية الملامسة مع حدودها مع مصر. هذا التطور في الاحداث أدي الي توتر في العلاقات بين مصر و إسرائيل. و لكن كيف و لماذا ؟ هذا ما أجابت عنه صحيفة آل Wallstreet jornal الأمريكية و جاء ذلك في تقريرها اليومي يوم الرابع عشر من شهر مايو الحالي، ولماذا هذا التوتر ، هو بالطبع غزو قوات إسرائيل البري علي رفح دون أي إخطار مسبق مع مصر و بدون التنسيق معها ، حيث تم هذا الإخطار بالغزو قبل وقوعه بساعات قليلة فقط رغم التحزيرات المستمرة من مصر علي لسان وزير الخارجية المصري السيد سامح شكري بعدم إقدام إسرائيل بهذا الهجوم لما سيؤدي الي عواقب وخيمة علي الصعيد الإنساني من وقوع المئات من الضحايا من المدنيين من قطاع غزة و الذين نزحوا الي رفح و إقيموا في خيام أقامتها مصر لإيواء المدنيين العزل تحت القذف الإسرائيلي جوا و برا مما تسبب في إحداث مجازر بشرية من قتلي و جرحي و نساء و أطفال بلغت عددهم حتي اللحظة حصيلة العدوان الإسرائلي الي 35272 شهيد و 79205 جريح منذ تاريخ السابع من أكتوبر الماضي . و علي الصعيد السياسي ما أعلنته مصر رسميا علي لسان وزير الخارجية عدم السماح لإسرائيل بتجاوز الخطوط الحمراء في العلاقات مع مصر مما يهدد مصير المفاوضات الجارية بين وفود حماس و مصر و إسرائيل و قطر و تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية مما قد يؤثر علي النتائج النهائية لمسار المباحثات لوقف إطلاق النار نهائيا و الإفراج المشروط عن الرهائن المحتجزين لدي حماس ، في الوقت الذي كان هناك إتفاق مسبق من قبل بين الدولتين مصر و إسرائيل للتنسيق بينهما في جميع الخطوات أول بأول. علي أن تطلعها علي كل المستجدات عند التحرك العسكري كخطوط عامة علي مجمل مسرح العمليات علي الأرض التي يشمل ميدان الحرب في كامل قطاع غزة و رفح بصفة خاصة . و قد قدمت إسرائيل تطمينات لمصر بعدم المساس بمعبر رفح البري من الجانب الفلسطيني حتي تتمكن من عبور المساعدات الإنسانية من هذا المعبر علي تلتزم إسرائيل بإخلاء هذه المناطق الكائنة في رفح من سكانها و ذلك بنقلهم الي مناطق آمنة خشية تعرض أرواحهم الي المخاطر و تؤدي بالتبعية الي المزيد من الخسائر في الأرواح. و علي صعيد آخر تتعرض حكومة الحرب الإسرائيلية لضغوط شديدة من اليمين المتطرف الذي يصر علي ضروري قيام إسرائيل بالهجوم البري المباغت و الشامل علي جنوب غزة و تحديدا رفح للقضاء علي قوات حماس و سرعة الإفراج عن الرهائن المحتجزين بينما تضع المعارضة في إسرائيل شرط و هو إعطاء الجيش الإسرائيلي أولوية في إطلاق سراح الرهائن و عقد المفاوضات بإختيار مسار سلمي لها دون هجوم اسرائلي علي رفح دون تعريض حياة الرهائن المحتجزين لدي حماس للخطر. هذا و قد وضع نتنياهو حل وسط لإرضاء كلا الطرفين بحيث قام بهجوم وصف بأنه محدود و ليس شامل لمحاولة القضاء علي حماس و قاداتها و في الوقت نفسه تقوم إسرائيل بالمفاوضات و إختيار المسار السلمي لعقد صفقة تبادل الرهائن المحتجزين مع حماس. غير أن في النهاية. و كالعادة تحاول إسرائيل المماطلة و المراوغة بغية الإلتفاف بأي تنازلات أو إتفاقات و لم تلتزم بأي وعود أو عهود أو تطمينات و في النهاية لم توفي بأي وعود بعدم المساس بمعبر رفح البري بل و قامت بتطوير القتال الهجوم علي رفح بدء من يوم السادس من شهر مايو الحالي وسط تأكيدات من إسرائيل بمحدودية الهجوم علي رفح بل توغلت لتشمل و شمال رفح الي أن وصلت الي وسط رفح حتي يوم الرابع عشر من هذا الشهر لتصل هذه القوات الي جنوب رفح و هو ما يقترب من حافة الخطر بالقرب من حدود مصر الدولية. والجدير بالذكر في هذا الصدد فإن مصر أستشعرت القلق الشديد بسبب هذا الهجوم علي معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني فضلا علي ما أقدمت به إسرائيل من رفع العلم الإسرائيلي بشكل مستفز علي أحد المدرعات بالقرب من معبر رفح مما أثار حفيظة مصر . و قد عبرت مصر عن غضبها بعدة طرق هي علي النحو التالي: [ 1 ] إعلان مصر رسميا في يوم الثاني عشر من شهر مايو بإنضمامها الي دولة جنوب أفريقيا في الدعوي المرفوعة منها أمام محكمة العدل الدولية معبرة عن معارضتها رسميا ضد إسرائيل في قضية الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة. و الذي وصلت الحصيلة الإجمالية في عدد الضحايا الشهداء من المدنيين الفلسطينين حتي اللحظة ب 35272 شهيد و عدد 79205 جريح منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي. هذا الإعلان المصري بالانضمام مع جنوب أفريقيا تضامنا و دعما لها في هذه الدعوي أمام المحكمة الدولية أثار غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي و قد أعلن عن شديد غضبه أثناء عقد حكومة الحرب في إجتماعها . [ 2 ] هددت مصر جميع الأطراف الدولية المعنية و علي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بتصعيد الموقف المصري بتقرير سحب سفيرها من تل أبيب تمهيدا لقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل و ذلك في الوقت الذي تراه المناسب و حسب تطورات الأحداث و خطورتها مما يضع إتفاقية السلام التي وقعتها مصر مع دولة إسرائيل عام 1979 علي شفا الإلغاء. [ 3 ] إعرابا عن غضب مصر و إبداء قلقها الشديد من الأحداث في غزة خاصة في منطقة رفح فإن مصر ستضطر الي عدم إرسال الشاحنات بالمساعدات الإنسانية من معبر رفح البري المصري و هو ما حدث بالفعل فقد أصدرت مصر قرارها في يون السابع من مايو الحالي بإغلاق معبر رفح البري المصري . و هذا الغلق من جانب مصر خلق مجموعة من مزاعم و مبررات و أعزار واهية من الجانب الإسرائيلي. و ذلك علي خلاف الحقيقة موجهة بإتهامات بأن مصر تضع العراقيل و المعوقات اللوجستية لعدم إرسال المساعدات الإنسانية الي سكان غزة قاصدة من ذلك من وضع ضغوط خارجية شديدة علي مصر بعد محاولة الإستقواء بالولايات المتحدة الأمريكية لتظهر مصر أمام العالم بأنها هي التي تضع ما من شأنه حرمان سكان غزة من المساعدات علي الرغم من أن هذه الأوهام الإسرائيلية مجرد هراء و تخبط من السلطات الإسرائيلية و الدليل علي ذلك أن لدي إسرائيل عدد ستة من المعابر البرية في جميع أنحاء غزة و منها معبر كرم ابو سالم ومعبر إيريز. فلو أرادت إسرائيل تقديم اي مساعدات إنسانية فلتتفضل بإدخالها من هذه المعابر الستة. و مما يؤكد من هذا التصور هو ما تجريه الولايات المتحدة الأمريكية من إنشاء رصيف بحري عائم علي شاطئ غزة من الجهة الغربية يمكن من خلاله تمكين المساعدات الإنسانية من الوصول الي سكان غزة عن طريق قبرص و اليونان و تركيا علي ساحل البحر الأبيض المتوسط و الغرض الخفي من إنشاء هذا الرصيف الأمريكي هو أن يكون بديلا عن معبر رفح البري المصري و نزع سلطة حماس من إدارة والإشراف علي معبر رفح الكائن من الجانب الفلسطيني. و سيتم تشغيل هذا الرصيف الساحلي العائم خلال الأيام القليلة القادمة. و الجدير بالذكر في هذا المقام أن إسرائيل أوشكت علي الإنتهاء من التعاقد مع إحدي الشركات الأمريكية المتخصصة في إدارة و تشغيل و حماية و تأمين المعابر البرية و تحديدا معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني و ذلك لتضع نهاية لسيطرة ولإشراف و إدارة حماس علي هذا المعبر و قد تم التأكيد علي تسريب هذه المعلومات من الجريدة الأمريكية المذكورة أنفا. [ 4 ] و ما يزيد من حدة غضب مصر و قلقها الشديد إزاء التطورات الأخيرة في رفح هو تهديد مصر من إنهاء دورها كوسيط تفاوضي في المباحثات و المفاوضات التي تجريها الوفود المشاركة في إيجاد حل نهائي لوقف الحرب في غزة و الإتفاق علي تبادل الرهائن المحتجزين لدي حماس و هذا القرار من الوارد إتخاذه من جانب مصر و هو من الأهمية بمكان و يقلق جدا الجانب الإسرائيلي ، فإذا إنسحبت مصر من هذه المفاوضات المتوقفةحاليا فلن يكون هناك إتفاق بين الطرفين إسرائيل و حماس بشأن إنهاء الحرب و لن يكون هناك إتفاق علي عقد صفقة لتبادل و تسليم الرهائن بالمسجونين التي تطالب حماس من الإفراج عنهم و لن يكون هناك إنسحاب إسرائيل من كامل قطاع غزة و لن يكون عودة سكان غزة إليها و سيؤدي في النهاية إنهيار المسار الدبلوماسي و السياسي الذي تراهن عليه إسرائيل علما أن إنسحاب مصر و إنهاء المسار السلمي بالتفاوض هو المسار الهام و الوحيد و الأخير لمستقبل نتنياهو السياسي في البقاء في السلطة . أذن بدون مصر كوسيط فلا يكون مفاوضات أصلا فلا غني عن وجود مصر و لا بديل عنها في هذه المفاوضات المتوقفة حاليا . فعدد الأطراف في المفاوضات علي الورق – رسميا – هم إسرائيل و حماس و مصر و قطر بينما الولايات المتحدة الأمريكية فهي حليف و داعم لإسرائيل و يقتصر دوره علي مجرد توفيق و تقريب وجهات النظر المفاوضات في المتداولة . هذا فضلا علي أن أحد أطراف في عملية التفاوض و هي قطر هي الأخري هددت في مناسبات اخري بعدم المشاركة في العملية التفاوضية بل و أعلنت إستعدادها لغلق مكاتب حماس من العاصمة القطرية الدوحة و خروج نهائي لجميع اعضائها و زعمائها لأي دولة عربية و التي أعلنت اليمن مؤخرا استعدادها لاستقبال و إقامة أعضاء حماس بها. و آخر المستجدات الميدانية علي الساحة حتي اللحظة في قطاع غزة هو توقف المفاوضات و المسار الدبلوماسي و قد علقت مصر بالفعل جهود المفاوضات الجارية حاليا . و عن أهداف إسرائيل ، فلم تتحق أهداف إسرائيل علي الأرض في غزة سواء في القضاء على حماس أو إطلاق سراح المحتجزين لديها. و الجدير بالذكر أنه حتي الآن لا يوجد أي تصور أو تفكير أو خطة في ماذا بعد ، ماذا عن اليوم التالي بعد إنهاء حالة الحرب و إنسحاب إسرائيل من قطاع غزة و عودة الرهائن المحتجزين لدي حماس الي زويهم في حالة وجودهم أحياء أو ما تبقي منهم و لكن لاشك هناك تسريبات معلومات بأن الولايات المتحدة الأمريكية جاري إعداد خطة بوضع غزة بعد الحرب و بعد القضاء على حماس. و لن يتم إعلان هذه الخطة أو الإفصاح عن تفاصيلها الإ بعد الحسم النهائي للحرب و الشكل السياسي و الإداري لقطاع غزة . و لكن الحقيقة المسلم بها في إسرائيل هو عدم عودة حماس الي قطاع غزة مرة أخرى لتولي زمام الأمور و تتحكم و تدير و تسيطر علي غزة مستقبلا و أن حرب السابع من أكتوبر من العام الماضي لن يعود و لن يتم تهديد إسرائيل من اي جهة كانت. نعود الي المشهد مرة اخري و التوتر السائد في العلاقات الحالية بين مصر و إسرائيل و التي وصفت علي حد قول جريدة[ هآرتس ] الإسرائيلية بأن أسوء فترة توتر بين الدولتين منذ حرب أكتوبر 1973 و قد جاء علي لسان أحد المحررين في هذه الجريدة و لم يذكر أسمه : بأن مصر تصر عمدا علي فشلنا في قطاع غزة و بالأخص رفح و تعمد علي عرقلة عملياتنا العسكرية و هذا التصريح الصادر من هذا المحرر اللا مسئول لا أساس له من الصحة و هو مجرد أوهام من وحي الخيال و غير دقيق. و يسأل عنه من أدلي بهذا التصريح . هذا و قد وصل الي مصر منذ يوم الرابع عشر من شهر مايو الحالي وفد أمني أمريكي رفيع المستوي و سيقوم بالعديد من المشاورات و المباحثات مع الجانب المصري لمناقشة سبل إحتواء التوتر بين الدولتين مصر و إسرائيل و نزع فتيل هذه الأزمة للوصول الي عدم التصعيد خاصة في هذا الوقت لعودة دور مصر و إستنأف المفاوضات المتوقفة حاليا بين الأطراف المعنية في حرب غزة و عودة تسليم المحتجزين لدي حماس و قد يتطرق هذا الإجتماع الأمني بين الوفد الأمريكي و الجانب المصري الي وجود تسريبات عن معلومات لم يتم الافصاح و الإعلان عنها رسميا أن الإدارة الأمريكية تجري مشاورات حاليا و هو الهدف الرئيسي لحضور هذا الوفد الأمني تحديدا لمحاولة إقناع بعض الدول العربية بالمشاركة في قوات حفظ السلام الدولية متعددة الجنسيات لحفظ الأمن و السلم في قطاع غزة بعد إعلان إنتهاء الحرب و إنسحاب إسرائيل منها و ذلك طبقا للفصل السادس و السابع من ميثاق الأمم المتحدة و الهدف هو ملئ الفراغ الأمني بعد الحرب لحين إنشاء جهاز أمني فلسطيني في قطاع غزة و إن هذه التسريبات أضافت أن مصر و المغرب و الإمارات طلبوا مهلة لدراسة هذا الطلب ، غير أن هذه الدول أشترطت لقبول هذا الطلب ثلاثة شروط الأول هو إعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالدولة الفلسطينية و الشرط الثاني هو أن تقود الولايات المتحدة الأمريكية هذه القوات الدولية لحفظ السلام و تتمركز في غزة و الشرط الثالث هو أن تبذل الولايات المتحدة الأمريكية أقصي ما في وسعها لحل القضية الفلسطينية و إجبار إسرائيل علي قبول السلام في إطار حل الدولتين. غير أن هذه التسريبات لم يتم التأكد من صحتها من مصدرها . أما ما يتردد في الآونة الأخيرة من وجود مباحثات مباشرة جارية و لا تزال حول الاتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية و المملكة العربية السعودية علي عقد صفقة وصفت بأنها صفقة القرن لإقامة مشروعات إقتصادية إستراتيجية بين البلدين و لم يعلن عن هذه المباحثات رسميا و لا عن تفاصيلها حتي اللحظة . و هو ما سيتم تناوله إن شاء الله في المقالة القادمة.