جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس مجلس الإدارة والتحرير
وجدى وزيرى
الرئيس الأمريكي ترامب نجح في إصطياد الرئيس الأوكراني زيلينسكي و أوقعه في ” فخ ” يبدو لي أنه قصة و سيناريو و حوار تم إعداده بحرفية و بدقة متناهية و كان ذلك أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقد في البيت الأبيض منذ يومين ، حيث تحول المؤتمر الصحفي الذي عقد أثناء مناقشة الرئيسان بشأن مصير الحرب الروسية الأوكرانية لإيجاد صياغة توافقية لوضع حد و نهاية لهذه الحرب مع تكثيف جهود زيلينسكي في حواره مع الرئيس ترامب للضغط عليه للحصول علي أقصي إستفادة ممكنة علي ضمانات أمنية تكون مرتبطة بأي إتفاق سلام المزمع توقيعه مع روسيا، في حين يري الرئيس الأمريكي ترامب بأن الصفقة التجارية المخطط التوقيع عليها و هي المتعلقة بتقاسم إيرادات المعادن الثمينة الكائنة في أوكرانيا هو حلا مناسبا و كافيا لتأمين أوكرانيا ،
أو ربما يجد الرئيس ترامب مخرجا بتشكيل قوات حفظ سلام من دول أوروبية مقترحة ربما سيتم الإتفاق عليها ،لتكون طوق نجاة لحماية الحدود الأوكرانية و هو ما ستسفر عنه المباحثات أو ربما مفاوضات ومشاورات بين الأطراف التي سيتم الإتفاق عليها عند وضع معاهدة السلام بين أوكرانيا و روسيا موضع التنفيذ .
و أثناء الحوار الذي كان يدور مع كلا الطرفين الأمريكي و الأوكراني، و في مشهد سياسي دراماتيكي متفجر و عنيف ، سلطت الكاميرات التليفزيونة ووكلات الأنباء العالمية في البيت الأبيض شهد “مشادة كلامية ” و أقل ما يوصف بأنه “تلاسن و تشابك بألفاظ خارجة عن النص ” بين الرئيسين، و بحضور نائب الرئيس الأمريكي جيري فانس ، واضعا الرئيس الأوكراني زيلينسكي في حرج شديد للغاية واصفا إياه بأنه ضعيف سياسيا و عسكريا
و أنه في وضع لا يسمح له حتي بالحوار أو المناقشة مضيفا أنه ليس لديه أوراق التي تمكنه من اللعب بها أمام المشهد السياسي الذي وضع نفسه فيه و هو تكبد جيشه خسائر فادحة ،كما أدت الحرب الي تآكل نحو 22% من المساحة الإجمالية لأوكرانيا ،كما أدي الي إجلاء المئات من شعبه الي دول الجوار ، و أدي ذلك الي تكبد الولايات المتحدة نفقات عسكرية كبيرة، كما تدخل نائب الرئيس فانس واصفا الرئيس زيلينسكي بأنه ” رجل غير محترم” و ناكر للجميل ، في موقف بدا أن الشراكة السياسية و العسكرية التي أستمرت قرابة الثلاث سنوات بين واشنطن و كييف قد تلاشت تماما أمام أعين العالم ، فكأن هذا الصدام الذي وقع بين الرئيس الأمريكي ترامب والرئيس الأوكراني يبدو أنه كان مدبرا و كأن الرئيس الأمريكي ترامب و منذ حملته الإنتخابية الرئاسية و هو أنه عقد العزم علي سرعة إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية بأي طريقة دون أن تكبد خزينة الولايات المتحدة أي خسائر قطعيا ، و قد سنحت له أي الرئيس ترامب هذه الفرصة التي كان منتظرها بالفعل و فور حضور الرئيس الأوكراني البيت الأبيض بناء علي طلبه لمقابلة الرئيس الأمريكي ترامب، للتباحث و إبرام “صفقة” سلام مقابل الشراكة التجارية فيما سميت ”
صفقة إيرادات المعادن الثمينة “. و قد حدث ما حدث علي مشهد أمام العالم كله و قد وصفت هذه المشادة بالكارثة الغير مسبوقة حدثت في البيت الأبيض .
و السؤال الهام و المطروح الآن هل من الإمكان إصلاح هذه العلاقة المتوترة بين الرئيس ترامب و زيلينسكي التي أصبحت علي المحك ، و هل لا تزال الصفقة التي من المفترض أن تبرم و يتم التوقيع عليها و هي تقاسم إيرادات المعادن الثمينة التي تراهن عليها واشنطن كتعويض علي ما أنفقته في الحرب الروسية الأوكرانية و التي تقدر بنحو 135 مليار دولار مقابل تزويد أوكرانيا بالأسلحة و الذخيرة طول فترة الحرب، هل تزال هذه الصفقة قائمة .
في الواقع سؤال صعب و الجواب أصعب، أمام مشهد مرتبك و متشابك للغاية.
و ربما قد تضطر الولايات المتحدة الي إحداث تغيير في القيادة السياسية لأوكرانيا من خلال الدخول في إنتخابات رئاسية تمكنها من إختيار رئيس جديد لأوكرانيا لتحدد من سيجلس مع ترامب علي مائدة مفاوضات تلبي طموحاته الملحة وتملي عليه طلباته ورغباته المتعثرة.
الحقيقة المؤكدة أن هذا المشهد الدرامي لم يكن موجه فقط الي الرأي العام الأمريكي و الأوروبي ، و أنما يبدو أيضا إشارة موجه الي الكرملين فحواها أن أوكرانيا لم تعد أولوية أمريكية، و أن هدف ترامب الحقيقي هو توطيد العلاقات البينية بين الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا و أن الوقت قد حان الآن لإعادة تشكيل العالم تحت زعامة محور ثلاثي الأقطاب مكون من الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا و الصين ، و أن خريطة عالمية جديدة قد بدت تلوح في الأفق بالفعل ، لتقوم مقام خريطة العالم الحالية التي أصبحت لا تستجيب و لا تلبي طموحات القوي العظمي ، و أن الرئيس الأمريكي ترامب لم يخفي أبدا قناعته الي أن النظام العالمي الذي بدا واضحا عقب الحرب العالمية الثانية قد أدي الي إضعاف القوي الأمريكية بأن أعطي الدول الصغيرة نفوذا قويا للحصول من الولايات المتحدة الأمريكية علي أقصي إستفادة ممكنة بدفع ثمن الدفاع عن الحلفاء .
هذا و قد عكف الرئيس الأمريكي ترامب منذ وصوله البيت الأبيض من البدء في تغيير هذا النظام العالمي وحيد القوي العظمي في العالم السائد ، و التحول الجذري الي نظام عالمي جديد ثلاثي الأقطاب .
و السؤال الأبرز هل نشهد تحولا في المشهد الحالي ليكون بداية لنظام عالمي جديد بدأ يتشكل الآن في موازين القوي العالمية ، أم أن ترامب يلعب بورقة محفوفة بالمخاطر قد تشتد عليه قريبا .
والسؤال الأصعب ، ماذا سيكون رد فعل دول التحالف الأوروبي التي أصبحت – بعد واقعة البيت الأبيض الشهيرة- حديث العالم كله في وضع مآسوي من هذه الأحداث الأخيرة، وهل ستقف هذه الدول موقفا متفرجا دون حراك ، كشاهد عيان علي هذا التغيير في السياسات و الاستراتيجيات التي تحدث أمامه و بدلا من ذلك يصبح دول التحالف الأوروبي مفعولا بها بدلا من أن تكون فاعلا و قادر علي مواجهة الحقيقة المفزعة بقرارات دعم و تأييد لزيلينسكي كداعم وحيد لا يكفي لتلبية إحتياجات عسكرية ملحة لكييف لتصبح دول التحالف الأوروبي أمام أزمة مستعصية و موقف معقد بين تأييد لزيلينسكي و الوقوف بجانبه في مواجهة الولايات المتحدة و بين الوقوف محايدة مع تأييده ماديا و عسكريا في الحرب ضد روسيا أيا كانت النتائج المحتملة للحرب .
نحن أمام حقبة بداية تحول جزري الي نظام عالمي جديد ، تصبح دول التحالف الأوروبي منعزل تماما عن القوي العظمي ثلاثي الاقطاب و هو ما يسعي إليه الرئيس ترامب و يضعها في أولويات خطته الحالية عند تشكيل النظام العالمي الجديد،
هذا ما سنشهده و يشهده العالم و نراقبه عن كثب ربما هذا العام أو السنوات القليلة القادمة.