“الجنرال الذهبي: الشهيد عبد المنعم رياض الذي حوّل الهزيمة إلى إرادة انتصار”

جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس مجلس الإدارة والتحرير وجدى وزيرى 

في التاسع من مارس من كل عام، تحيي مصر ذكرى يوم الشهيد، تتزامن مع استشهاد أحد أبرز العسكريين العرب في القرن العشرين، الفريق عبد المنعم رياض، الذي سقط شهيدًا بين جنوده على الجبهة أثناء حرب الاستنزاف. إنها قصة رجل لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان رمزًا للشجاعة والإستراتيجية الفذة، والذي ترك إرثًا عسكريًا وسياسيًا لا يزال يلهم الأجيال.

### الميلاد والنشأة العسكرية
وُلد عبد المنعم رياض في 22 أكتوبر 1919 بقرية سبرباي في طنطا، لأسرة عسكرية حيث كان والده القائم مقام محمد رياض عبد الله قائدًا لبلوكات الطلبة بالكلية الحربية. تخرج عبد المنعم من الكلية الحربية عام 1938 برتبة ملازم ثان، لتبدأ رحلته العسكرية التي ستُخلد اسمه في تاريخ مصر والعالم العربي. حصل على الماجستير في العلوم العسكرية عام 1944 بتفوق، وأكمل دراسته في إنجلترا كمعلم مدفعية مضادة للطائرات بامتياز.

### مسيرة حافلة بالمعارك
شارك الفريق رياض في أهم الأحداث العسكرية التي شهدتها المنطقة، بدءًا من الحرب العالمية الثانية (1941-1942)، مرورًا بحرب فلسطين (1948)، والعدوان الثلاثي (1956)، وحرب 1967. لكن دوره الأبرز كان في حرب الاستنزاف، حيث أشرف على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف، الذي كان يُعتبر حصنًا منيعًا للعدو الإسرائيلي.

### الإستراتيجية العسكرية والفكر الثاقب
لم يكن عبد المنعم رياض قائدًا عسكريًا تقليديًا، بل كان مفكرًا استراتيجيًا يؤمن بأن النصر لا يتحقق إلا من خلال إستراتيجية شاملة تأخذ في الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والسياسية، وليس فقط العسكرية. كان يقول: “إذا وفرنا للمعركة القدرات القتالية المناسبة وأتحنا لها الوقت الكافي للإعداد والتجهيز، وهيأنا لها الظروف المواتية، فليس ثمة شك في النصر الذي وعدنا الله إياه”.

### استشهاده: نهاية بطولية
في صبيحة التاسع من مارس 1969، قرر الفريق رياض زيارة الخطوط الأمامية للجبهة ليرى بنفسه نتائج المعارك ويرفع من معنويات جنوده. توجه إلى الموقع رقم 6، الذي لم يكن يبعد سوى 250 مترًا عن نيران العدو. وفجأة، انهالت نيران المدفعية الإسرائيلية على الموقع، وأصيب الفريق رياض بشظايا قاتلة نقل على إثرها إلى مستشفى الإسماعيلية، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة بعد 32 عامًا من الخدمة العسكرية المخلصة.
(عملية الثأر لاستشهاد الفريق عبد المنعم رياض كما يرويها أحد أبطالها . اللواء اركان حرب محيي نوح )

من الإسماعيلية والتي انطلقت منه القذيفة التي اصابت الشهيد عبد المنعم رياض يوم 9مارس 1969 فعقدنا العزم على الانتقام من ذلك الموقع واستطلعنا الموقع استطلاع جيد بعد تكليفنا من القيادة العامة للقوات المسلحة بتدمير الموقع وفي يوم 19/4/1969 كان يوم الانتقام تحركت قواتنا إلى مدينة الإسماعيلية وفي آخر ضوء من الشط المقابل للموقع وتحت ستر نيران المدفعية ثم تحركت القوات وكانت في حدود 64 فردا بالقوارب المطاطة في عدد 6قارب إلى الشاطئ الشرقي جنوب الموقع تحت قيادة الشهيد إبراهيم الرفاعي وبالاتصال اللاسلكي تم رفع نيران المدفعية عن الموقع وفي هذه الاثناء تم اقتحام الموقع وكانت مهمتي تدمير احدى هذه الدشم بالموقع والموجودة في تجاه الجنوب على القناة مباشرة تعاملت معها مع مجموعتي بقذف قنابل الدخان واليدوية داخل الدشمة حتى خرجت قوات العدو فتعاملنا معها بجميع الأسلحة بالبنادق الآلية والقنابل اليدوية وال ر.ب.ج 7 وأخيرا وصل القتال للأسلحة البيضاء وأستولينا على الموقع استيلاء تام وانزلنا العلم الاسرائيلي وبعض الاسلحة الخفيفة وقمت بضرب دشمة لم يتم التعامل معها بجوار الموقع فقذفت بداخلها احدى القنابل اليدوية فأنفجرت الدشمة حيث كانت مخزنا للذخيرة وقد اصبت اصابة مباشرة في الوجه والذراع ونقلني زملائي إلى القارب ثم إلى الشاطئ الآخر ثم إلى مستشفى القصاصين ومنها إلى مستشفى المعادي بالقاهرة وكان في انتظاري بعد نزولي من الطائرة الهليكوبتر اللواء محمد احمد صادق مدير المخابرات الحربية في هذا الوقت والذي كان مسروراً لما تم تنفيذه وذهب معي حتى دخولي إلى المستشفى ثم إلى غرفتي المحددة ونتيجة لتلوث ملابس بالدماء نتيجة للإصابة والعملية الجراحية بمستشفى القصاصين أمر بإحضار ملابس داخلية وبيجامات لي وأمر بإبلاغ أسرتي وإحضارها إلى المستشفى وتواجد بجواري حتى اطمئن علي وقال لي أنه سيأتي في المساء لزيارتي وفي نفس اليوم قبل المغرب حضر اللواء صادق وأبلغني أن أعد نفسي لملاقاة رئيس الجمهورية الرئيس جمال عبد الناصر وبعدما يقرب من الساعة دخل الرئيس جمال عبد الناصر ومعه الفريق أول محمد فوزي وزير الحربية في هذا الوقت وبعض القادة إلى حجرتي وسأل الأطباء عن حالتي الصحية وهل يمكن التحدث معي بعد أن قدمني له اللواء صادق وجلس الرئيس جمال عبد الناصر ليداعب من كان معي بالحجرة دون أن يخرجهم أحد بل فضل بقاءهم وتحدث معي الرئيس حديث الأب لأحد أبناءه والذي أراد أن يعرف مني بعض ما تم وما أنجز في هذه المعركة حيث كانت أول عملية إغارة على مواقع العدو على طول جبهة القتال وكانت هذه من أسعد اللحظات في عمري زيارة رئيس الجمهورية لضابط صغير كنت برتبة النقيب حيث تم رفع معنويات أفراد الصاعقة والمخابرات والقوات المسلحة عموماً نتيجة لزيارة الرئيس لأحد المقاتلين من أفراد القوات المسلحة وكذا العملية الفدائية الجريئة والتي تم فيها قتل ما يقرب من 40 أربعون إسرائيلي وتدمير الموقع

### إرث لا يُنسى
أقيمت للشهيد البطل جنازة عسكرية مهيبة حضرها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وكبار قادة القوات المسلحة. تم تكريمه بمنحه رتبة الفريق أول ونجمة الشرف العسكرية، وهي أعلى وسام عسكري في مصر. كما تم إطلاق اسمه على العديد من الميادين والشوارع في مصر والدول العربية، ووضع تمثال له في ميدان عبد المنعم رياض بوسط القاهرة.

### يوم الشهيد: تخليدًا لذكرى البطل
بعد انتصار أكتوبر 1973، تم اختيار التاسع من مارس يومًا للشهيد في مصر، تخليدًا لذكرى الفريق عبد المنعم رياض، الذي كان رمزًا للتضحية والإصرار على النصر. إنها قصة رجل حوّل الهزيمة إلى إرادة انتصار، وأثبت أن الشجاعة ليست فقط في حمل السلاح، بل في الإيمان بالقضية والاستعداد للتضحية من أجلها.

اليوم، وبعد أكثر من خمسة عقود على استشهاده، لا يزال عبد المنعم رياض يُذكر كواحد من أعظم القادة العسكريين في التاريخ العربي، الذي ترك وراءه إرثًا من البطولة والإستراتيجية الفذة، يلهم الأجيال الجديدة لمواصلة الكفاح من أجل الحرية والكرامة.

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock