
تعد الثانوية العامة في مصر مرحلة حاسمة في مسيرة الطلاب التعليمية، فهي البوابة إلى التعليم الجامعي والمستقبل المهني. ومع ذلك، شهد هذا النظام تغييرات متكررة على مدار العقود الماضية، حتى أصبح من النادر أن يكمل طالب وشقيقه مرحلته الثانوية بنفس النظام الذي بدأ به الاول. فلماذا يحدث هذا؟ ولماذا لا يكون هناك مجلس ثابت للتعليم يضع سياسات مستقرة بعيدًا عن التغييرات الوزارية؟
كل وزير جديد يأتي برؤية مختلفة لمحاولة تطوير نظام التعليم، وغالبًا ما يعتقد أن النظام القديم لم يكن فعالًا، فيسعى لإجراء تعديلات وفقًا لتصوراته الخاصة أو بناءً على توجهات الحكومة التي يعمل تحت قيادتها. هذا يؤدي إلى تغييرات متكررة مثل:
-
التحول بين نظام السنة الواحدة والسنتين.
-
التغيير بين الامتحانات الورقية والإلكترونية.
-
تعديل نظام التنسيق والقبول الجامعي.
-
استحداث أو إلغاء نظام التراكمية والتقييم المستمر.
. غياب مجلس مستقل للتعليم
في كثير من الدول المتقدمة، هناك مجالس تعليمية مستقلة تضم خبراء وأكاديميين ومتخصصين يضعون السياسات التعليمية، بحيث تستمر هذه السياسات لسنوات طويلة بغض النظر عن تغير الوزراء.
أما في مصر، فالأمر مختلف
إذ تعتمد السياسة التعليمية على قرارات وزارية قد تتغير مع تغيير الوزير نفسه، مما يجعل النظام غير مستقر.
ففى السنوات الماضية كل وزير أتى بنظام مختلف
فمثلا:٠
نظام التعليم التقليدي (ما قبل 2000)
-
اعتمد على الحفظ والتلقين.
-
الامتحانات التحريرية كانت المعيار الأساسي للتقييم.
-
لم يكن هناك اهتمام كبير بالتكنولوجيا في التعليم.
إصلاحات حسين كامل بهاء الدين (1996-2004)
-
إدخال التقويم الشامل لتقييم الطلاب على مدار العام.
-
تطوير المرحلة الابتدائية بإضافة مواد جديدة مثل الكمبيوتر.
-
زيادة الاهتمام بالتعليم الفني.
إصلاحات أحمد زكي بدر (2010-2011)
-
التشديد على الانضباط داخل المدارس.
-
التركيز على تطوير البنية التحتية للمدارس.
-
لم تشهد المناهج تغييرات كبيرة.
إصلاحات إبراهيم غنيم (2012-2013)
-
محاولات لبعض المناهج.
-
إعادة النظر في بعض المناهج الدراسية.
-
لم يكتمل مشروعه بسبب التغيير السياسي.
إصلاحات محمود أبو النصر (2013-2015)
-
إطلاق مشروع “المدارس الذكية” وإدخال التكنولوجيا.
-
التوسع في استخدام السبورات الذكية.
إصلاحات الهلالي الشربيني (2015-2017)
-
محاولة ضبط الدروس الخصوصية.
-
التركيز على تدريب المعلمين.
إصلاحات طارق شوقي (2017-2022)
-
نظام التعليم الجديد (Education 2.0)، وهو إصلاح جذري لمناهج رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية.
-
إلغاء نظام الثانوية العامة بنظام الحفظ والاعتماد على نظام التقييم الإلكتروني.
-
إدخال التابلت التعليمي للطلاب في المرحلة الثانوية.
-
مواجهة تحديات بسبب جائحة كورونا وتحويل التعليم إلى نظام الأونلاين جزئيًا.
إصلاحات رضا حجازي (من 2022)
-
مراجعة نظام التقييم الإلكتروني.
-
محاولة التوازن بين النظام التقليدي والإلكتروني.
-
إعادة النظر في ملف الثانوية العامة وتصحيح مسار التغيير التدريجي.
كل وزير حاول تقديم رؤية إصلاحية، لكن التحدي الأكبر كان التنفيذ الفعلي على الأرض، حيث كانت التغييرات المتكررة تؤدي أحيانًا إلى عدم استقرار النظام التعليمي.
الحل: مجلس تعليم وطني مستقل
لحل هذه المشكلة، ينبغي إنشاء مجلس تعليم وطني مستقل يضع رؤية طويلة الأمد لنظام التعليم، بحيث يكون التغيير قائمًا على دراسات علمية وليس قرارات فردية. ويجب أن يضم هذا المجلس:
-
خبراء تربويين.
-
أساتذة جامعات ومتخصصين في تطوير المناهج.
-
ممثلين عن المعلمين وأولياء الأمور.
-
مسؤولين حكوميين، لكن دون أن يكون لهم سلطة التغيير الأحادي.