الصحفى الكبير دكتور عبد الحليم قنديل يكتب لبكره احلى.. العدو لن يهزم “الحوثى”

جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس مجلس الإدارة والتحرير وجدى وزيرى 

بدا مشهد كيان الاحتلال عبثيا مثيرا للسخرية والاستهزاء ، وهو يعلن عزمه تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولى ، تتهم جماعة “الحوثى” اليمنية بتكرار “اعتداءاتها” الصاروخية على مدن “إسرائيل”، وتطالب بتصنيف “الحوثى” كمنظمة إرهابية ، بينما هذه “الإسرائيل” هى أم الإرهاب والوحشية والهمجية والعنصرية الدموية ، وعبرت مرارا عن احتقارها للأمم المتحدة ذاتها ، وقام مندوبها بتمزيق ميثاق المنظمة الدولية علنا، واتهامها بأنها هيئة إرهابية ، واتهام أمينها العام “أنطونيو جوتيريش” بالعداء للسامية ، وبالتحالف مع حركة “حماس” ضد “إسرائيل” ، المدانة بمئات القرارات الدولية ، والمطارد رئيس وزرائها ” بنيامين نتنياهو” بقرار اعتقال من محكمة الجنايات الدولية .
ومن خطاب “المسكنة” إلى خطاب التهديد ، راح “جدعون ساعر” وزير خارجية الكيان يخلى مكانه لوزير الحرب “إسرائيل كاتس” ، الذى توعد “الحوثى” بالويل والثبور وسخائم الأمور ، وهدد “عبد الملك الحوثى” بمصائر “حسن نصر الله” و”إسماعيل هنية” و”يحيى السنوار” ، وقال متعجرفا ، لقد أسقطنا نظام “بشار الأسد” والدور على “الحوثى” ، وزاد زميل “كاتس” وزير المالية “بتسلئيل سموتريتش” ، وخاطب “الحوثيين” متهكما “إنكم لم تجربوا بعد ثقل ذراع إسرائيل” الطويلة (!) ، مع أن هذه “الإسرائيل” لم تحقق أى نصر فى الحرب على “غزة” أو فى الحرب على لبنان ، ولا نجحت فى إلحاق أذى مؤثر فى الحرب مع “الحوثيين” ، عبر ثلاث حملات قصف جوى شنتها وتفاخرت بها ، وانتهت كلها على طريقة “إيش تاخد الريح من البلاط ” كما يقول المثل العامى المصرى ، تماما كما انتهت عشرات غارات حلفاء “إسرائيل” من الأمريكيين والبريطانيين على اليمن ، وكلها لم تفلح فى وقف غلق “الحوثيين” للملاحة فى البحر الأحمر ، ومنعهم أى سفينة متوجهة لموانى “إسرائيل” من العبور ، ومطاردة حاملات الطائرات الأمريكية الضخمة فى عرض البحر ، وإسقاط العديد من الطائرات المسيرة الأمريكية الأكثر تطورا ، بل والتسبب بإسقاط طائرة أمريكية مقاتلة من طراز “إف ـ 18” ، وقد اعترفت واشنطن بسقوط الطائرة ، وإن عزت السبب إلى نيران أمريكية صديقة ، وفى كل مرة إغارة “إسرائيلية” أو أمريكية أو بريطانية ، يأتى الرد الفورى من “الحوثى” ، وتنطلق الطائرات المسيرة من اليمن ، إضافة للصواريخ الباليستية التى يقال أن بعضها “فرط صوتى” ، وتصل فى دقائق إلى عمق كيان الاحتلال ، وتعجز الدفاعات الجوية “الإسرائيلية” والحليفة عن التصدى للصواريخ غالبا ، وإذا تصدت ونجحت فى شطر الصواريخ اليمنية من طراز “فلسطين ـ 2” ، فإن شظايا الصواريخ تلحق أضرارا وإصابات وقتلى أحيانا ، على نحو ماحدث فى تدمير مدرسة بالقرب من تل أبيب ، أو إحداث عشرات الإصابات بالمستوطنين المفزوعين مع إنطلاق صفارات الإنذار ، وتدافع ملايين “الإسرائيليين” إلى الملاجئ ، ومن مناطق الوسط فى الكيان إلى ميناء “عسقلان” ، وقبله ميناء “إيلات” ، الذى توقف عمله تماما بسبب ضربات “الحوثيين” بحرا وجوا ، إضافة إلى خسائر الاقتصاد “الإسرائيلى” المتراكمة ، وزيادة أسعار السيارات والسلع المستوردة من شرق آسيا بالذات ، مع تضاعف تكاليف الشحن البحرى ، واضطرار السفن المتجهة إلى الكيان للذهاب عبر مسارات بديلة طويلة .
وقد كان استيلاء الجيش المصرى على مضيق “باب المندب” اليمنى مع أول ساعات حرب أكتوبر 1973 ، كان خطوة جوهرية لتحقيق النصر العسكرى ، فيما يتحكم “الحوثيون” اليوم بالنيران فى “باب المندب” ، ويخنقون “إسرائيل” تجاريا ، وقد وجدوا بما فعلوا وسيلة فعالة لنصرة الشعب الفلسطينى فى حرب “غزة” ، وزادوا فى النصرة بإطلاق صواريخهم ومسيراتهم على الكيان ، رغم تنائى المسافات ، وعبور القذائف إلى أهدافها على بعد يزيد على ألفى كيلومتر ، ومع كل غارة “إسرائيلية” على “الحديدة” و”صنعاء” و”رأس عيسى” وغيرها ، يتفاخر العدو بقدرة مقاتلاته الأمريكية والتزود بالوقود فى الجو ، بينما يفعلها الحوثيون ويصلون إلى مدن الكيان ، وعلى نحو أبسط فى وقت قصير عابر ، لا فى ساعتين كما يفعل “الإسرائيليون” ، خصوصا عند استخدام الصواريخ الباليستية بعيدة المدى فرط الصوتية ، التى لا يزيد ثمنها على آلاف الدولارات ، بينما يتكلف كل صاروخ اعتراضى “إسرائيلى” ملايين الدولارات ، وعلى نحو دفع “إسرائيل” مؤخرا إلى رصد 550 مليون دولار إضافية لتأمين المزيد من صواريخ “حيتس” الاعتراضية ، وبهدف تحسين القدرة على صد الصواريخ الحوثية ، إضافة لاستجداء “إسرائيل” المزيد من دعم الحلفاء الغربيين ، ودعوتهم للمشاركة فى ضربة قاصمة ضد “الحوثيين” ، لا تبدو نتائجها سارة لهم إن جرت ، فهؤلاء الحلفاء فعلوا من قبل كل ما يستطيعون ، وأنشأوا ما أسموه “تحالف الازدهار” فى البحر الأحمر بدعوى حماية الملاحة البحرية الدولية من هجمات “الحوثيين” ، ومن دون تحقيق الهدف فى ردع “الحوثيين” ، الذين يعلنون فى حزم ووضوح ، أن الهجمات لن تتوقف إلا إذا توقفت حرب الإبادة الجماعية الأمريكية “الإسرائيلية” فى “غزة” ، وقد صدقوا فيما قالوا حتى اليوم ، ومن دون أن تنكسر إرادتهم ، ولا اهتز قرارهم الصلب ، حتى بعد بوار تراجع فى الموقف الإيرانى المعلن المتنصل غالبا من سلوك “الحوثيين” ، وإيران ـ كما يعرف الكل ـ هى المصدر الأساسى لصواريخ “الحوثيين” وطائراتهم المسيرة ، وهى المورد الغالب لتكنولوجيا صناعاتها إلى اليمن ، وإن كان “الحوثيون” نجحوا على ما يبدو فى اكتساب تكنولوجيا التحدى ، واستطاعوا صناعة وتطوير عدد من طرازات الصواريخ والمسيرات ، وهم لا يخفون صلاتهم الوثقى بالمحور الإيرانى ، وإن بدا طيع العناد اليمنى ظاهرا فى تصرفاتهم ، وحرصهم على إعلان الاستقلال فى القرارات ، وعلى مداومة نصرة الشعب الفلسطينى المظلوم ، وبمزيج من الدواعى القومية والدينية .
وقد تكون مثلى ، ومثل الكثير من اليمنيين بالذات ، من غير المعجبين كثيرا أو المؤيدين لسلوك جماعة “الحوثى” فى الشأن اليمنى المنهك الممزق ، وبأدوارهم ـ مع غيرهم ـ فى التقسيم الفعلى لليمن العزيز ، وإن كان دورهم فى نصرة الشعب الفلسطينى ، مما يستحق الإعجاب والتقدير ، وكثير من الأطراف الوطنية اليمنية المخالفة والمعارضة للحوثيين ، هم مثل “الحوثيين” فى موقف العداء لكيان الاحتلال ولحماته الغربيين المستكبرين ، ويتمنون لو كانت لهم القدرة ذاتها ، التى يملكها “الحوثيون” فى المواجهة المسلحة لكيان الاحتلال الإرهابى الغاصب ، بل ويفاخر بعضهم بما يفعله خصومهم “الحوثيون” فى الأداء المسلح ضد طغيان العدو الأمريكى “الإسرائيلى” ، بينما يعجز العدو عن ردعهم كأنهم “دولة عظمى” ، ربما بسبب “الطوبوجرافيا” والتضاريس الجبلية الصعبة المميزة لليمن ، وبما يتيح للحوثيين وغيرهم من اليمنيين إن أرادوا ، مقدرة على إخفاء مخازن ومنصات إطلاق الصواريخ والمسيرات ، وتحركات القوات والقتال الشرس ، حتى لو لجأ العدو إلى أساليب اغتيال الزعماء والقادة ، أو حتى دعوة دول مجاورة للمشاركة فى حملة حرب برية ضد “الحوثيين” ، وأغلب الظنون ، أن الدول المعنية لن تقبل المشاركة مع “إسرائيل” وأمريكا فى حرب العار المفضوح ، التى قد لا يتحمس طرف يمنى واحد ـ أيا كان مذهبه ـ للمشاركة فى إثمها ، وهو ما يزيد من مأزق كيان الاحتلال فى التعامل مع التحدى اليمنى ، ربما لذلك ، تفضل أطراف فى الكيان الذهاب لضرب إيران لوأد النار اليمنية ، وهذه قصة أيسر من ضرب الحوثيين ، مع توافر قواعد معلومات استخباراتية “إسرائيلية” عن الداخل الإيرانى مقارنة بانغلاق “الحوثى” ، وإن كان لا أحد يستبعد ، أن تحاول “إسرائيل” الجمع بين المغامرتين ، وبالذات مع تولى “دونالد ترامب” الحكم رسميا فى البيت الأبيض بعد أسابيع ، وقد كان كل ما فعله “ترامب” فى ولايته الأولى ، أن وضع “الحوثيين” فى قائمة المنظمات الإرهابية ، وهو ما عادت إليه إدارة “جو بايدن” ، ومن دون أن يعنى ذلك قليلا ولا كثيرا ، فسلطة “الحوثيين” فى اليمن قائمة بحكم الأمر الواقع ، وليس من اعتراف دولى رسمى بحكومتهم سوى عند إيران ، أى أنهم لن يخسروا شيئا بتصنيفات الإرهاب وسواها ، وقد قدموا بطاقة اعتمادهم للجمهور العربى بنصرتهم الجادة للحق الفلسطينى ، وربما يساعدهم ذلك فى المعادلات اليمنية المعقدة ، وفى كسب مزايا أفضل فى المفاوضات القابلة للتجدد عن الشأن اليمنى ، ودونما خشية ظاهرة من تحرك الآخرين نحو صنعاء ، فقصة اليمن مختلفة بالجملة عن القصة فى سوريا ، والسند الشعبى اليمنى للحوثيين حقيقى ومرئى ، وهو ما لم يكن متوافر لنظام الأسد المعلق فى هواء ، إضافة لتردد الأطراف الإقليمية المعنية فى استئناف المواجهة مع “الحوثيين ، وهو ما قد يعنى فى المحصلة ، أن أحلام العدو فى ضرب “الحوثيين” قد تظل متعثرة ، وتراوح فى مكانها ، حتى لو جرى اللجوء الخشن لاغتيال قيادات حوثية بارزة ، فلم تستفد “إسرائيل” من اغتيال قادة المقاومة فى فلسطين وفى لبنان ، ولا مبرر للظن ، أن الاغتيالات فى اليمن قد تنفع العدو .
Kandel2002@hotmail.com

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

Demo Title

Demo Description


Introducing your First Popup.
Customize text and design to perfectly suit your needs and preferences.

This will close in 20 seconds

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock