جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس مجلس الإدارة والتحرير وجدى وزيرى
الإخلاص هو فضيلة من الفضائل و خلق من الأخلاق الحسنة الحميدة
و التي يعبر فيها العبد المؤمن بالقول و الفعل أي كل حركاته و سكناته في الظاهر و الباطن ، و ذلك دون رياء أو مواربة أو سمعة،
و يرجو به العبد ثواب الله سبحانه وتعالى، و يخشي عقابه ، و يطمع في رضاه.
و الإخلاص، فرض واجب و حق علي كل مسلم و مسلمة.
و قد أمر الله تعالي عباده بالإخلاص
في العبادة كما في قوله تعالي ”
و ما أمروا الإ ليعبدوا الله مخلصين له الدين ” سورة البينة آية 5.
كما أمر النبي صلي الله عليه وسلم ذاته بإخلاص العبادة لله
كما في قوله تعالي ” إنا أنزلناه إليك الكتاب بالحق فأعبد الله مخلصا له الدين ” سورة الزمر آية 2.
كما أمر الله تعالى عباده بإخلاص الدعاء له ، كما في قوله تعالي ”
” و أقيموا وجوهكم عند كل مسجد و أدعوه مخلصين له الدين ” سورة الأعراف آية 29.
و في السنة النبوية الشريفة عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بسند صحيح ” إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها ؛ بدعوتهم،
و صلاتهم ،
و إخلاصهم ” .
أذن الإخلاص لله تعالي هو أساس كل عمل ، فعمل بلا أخلاص لا أجر له ، و صلاة بلا أخلاص لا ثواب لها ، و صدقة بلا أخلاص لا قيمة لها.
و بناء عليه فإن الإخلاص لله تعالي هو روح الأعمال، و به تقبل و بدونه لا وزن و لا قيمة لها ، فالأخلاص مطلوبا و شرطا وجوبيا و ركنا ثابتا في قبول اي عمل.
و الإخلاص نوعان :
النوع الأول:
الإخلاص لله وحده :
و يقصد به تخليص النفس و الروح و الجوارح و القلوب من الشوائب العالقة به لتصبح نقية بقصد تحقيق الغاية الأسمي و هي التوحيد بالله تعالي وحده و هو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لا شريك له له الملك و له الحمد و هو علي كل شئ قدير.
و لقدر الإخلاص عند الله و أهميته و قيمته و علو شأنه و درجته و منتهاه أن خص الله تعالي في القرآن الكريم سورة قرآنية تعادل ثلث القرآن الكريم سماها الله تعالي بسورة ” الإخلاص ”
و قد سمي الله تعالي سورة الإخلاص بهذا الإسم لأنها بتتضمن الإخلاص لله عز و جل و أن من آمن بها فهو مخلص.
وقد ورد مادة ( خلص ) في القرآن الكريم بصيغة الفعل الماضي و المضارع و أسم الفاعل و أسم المفعول عدد 38 مرة.
و من فوائد الإخلاص أن الله تعالي جعلها سببا في صرف السوء و الفحشاء كما حدث مع نبي الله يوسف عليه السلام عندما همت به إمرأة العزيز بفتاها في بيتها عن نفسه فقال تعالي في سورة يوسف آية 24 ” و لقد همت به و هم بها لولا أن رأي برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء و الفحشاء إنه من عبادنا المخلصين. ”
و من فوائد الإخلاص لله تعالي أيضا أنه يزيل الهموم و يفرج الكربات و مايؤكد هذا المعني هو ما ورد في قصة أهل الكهف في القرأن الكريم الذين آووا الي الكهف حيث نجاهم الله بإخلاصهم فكان جزاهم عند ربهم أن نجاهم من القوم الكافرين ،
و زادهم الله هدي و نشر لهم من رحمته و هيئ لهم من أمرهم رشدا ” سورة الكهف آية 10.
و من أعظم فوائد الإخلاص لله وحده ، هو التخلص من كيد الشيطان و تسلطه ، قال تعالي إخبارا عما قاله إبليس لما طلب أن ينظره رب العالمين ” قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض و لأغوينهم أجمعين ” سورة الحجر آية 39. فقد أستثني إبليس أهل الإخلاص من الغواية و التحريض علي الشر بقوله تعالي ” الإ عبادك منهم المخلصين ” سورة الحجر آية 40.
النوع الثاني: الإخلاص بالعمل لوحده :
و الإخلاص بالعمل لوحده هو إتجاه القلوب بالقصد و النوايا الي الغاية في تحقيق العمل الذي يسعي الإنسان دائما الي القيام به و هو الخير في مرضاة الله وحده و حبه و حب رسوله صلي الله عليه
و سلم دون أن ينتظر المقابل من عمله ، بمعني أن يكون عمل العبد المؤمن لوجه الله تعالي و لا يريد أي شئ آخر ، لا من ذات العبد ، و لا من الحياة الدنيا ، بل يبغي مرضاة الله في الآخرة ، فالله وحده هو الذي يكافئ العبد بالأجر و الثواب و الإحسان ، و يكون الجزاء من جنس العمل و تكون بمثابة مكافأة بما يريد بها الله تعالي وحده كيف يشاء و لمن يشاء ،
و هذه الدرجة التي تتمثل في غاية العمل و هي الآخرة ، و هي درجة عالية من الإخلاص لا يمنحها الله الإ لعباده المخلصين .
و الإخلاص بنوعيه سواء كان لله تعالي وحده ، أو كان الإخلاص بالعمل وحده ، يستوي أن يكون العمل في السر و العلن ، في الظاهر و الباطن، فالعمل الصالح و العمل في الخير لا يختلف كونه يؤدي أمام الناس ، أو بعيدا عنهم ، فمن الأفضل و الأصوب أن يكون في السر و في طي الكتمان حتي لا يكون الهدف من وراء العمل أن يكون ريائا و نفاقا و الفتنة من إطراء الناس له ، فالمخلص لا رياء له.
و في هذا المعني يقول العلامة الإسلامي المعذ بن عبد السلام في تعريفه للإخلاص:
” الإخلاص أن يفعل العبد المؤمن الطاعة خالصة لله وحده لا يريد بها تعظيما من الناس و لا توقيرا ، و لا جلب نفع ديني ، و لا دفع ضرر دينوي”.
لذا فإن الإخلاص في القول و الفعل ، هو أساس القبول عند الله.
و في مجال العبادات نجد أن العبد المؤمن يؤدي الفرائض لتحقيق الغاية الكبري و هو الإخلاص لله تعالي وحده ، و علي الله و بالله ، فنجد أن صلاة العبد في الثلث الأخير من الليل كما في صلاة التهجد ، و صلاة القيام عندما ينفرد العبد المؤمن مع نفسه في صلاته بالعبادة و الذكر و التسبيح لا يراه أحد ، سوي الله تعالي بنفسا خاشعة و بقلب خاضع ، للتقرب الي الله وحده.
و في مجال الصدقة نجد أن العبد المؤمن يخلص بهذه الصدقة وجه الله وحده لا ينتظر النتيجة يستوي عنده المدح أو الذم ، فلو تصدق علي إنسان بصدقة فمدحه و شكره أو ذمه أو أساء إليه فكلاهما سواء عنده ، لأنه ما أراد ذلك لمدحه أو ذمه و أنما فعل ذلك لوجه الله تعالي وحده و مرضاته ، فالمال مال الله و نحن كمؤمنين مستخلفين فيه ، نصرفه و نتصدق به لوجه الله تعالي وحده.
أذن .. أيها العبد المؤمن عليك أن تتوجه الي الله تعالي بالدعاء بصدق و الإخلاص. بالقول و الفعل، و أن يثبتك الله تعالي علي ذلك ، و أن تكون هي خواتيم أعمالك و أن يتوفاك الله علي الإخلاص فيما تقوم به من أعمال ، فمقام الإخلاص ، مقام عظيم ، و أجر المخلصين لا يعلمه الإ الله وحده تبارك و تعالي.
نسأل الله تعالي أن يجعلنا من عباده المؤمنين المخلصين الذين أختصهم الله تعالي ووصفهم بالمخلصين بطاعته ووحدانيته ، و من عصمهم من كل ما يغضبه ، و أن نكون ممن ذكرهم الله تعالي في القرآن الكريم
الإ عبادك منهم المخلصين من أصحاب اليمين أولئك لهم رزق معلوم ، في جنات النعيم .سورة الصافات آية 43.
اللهم آمين
يا رب العالمين .