توفيق الحكيم يحكى عن والدته قصة عججيبة

ذهب صحفي ذات يوم إلى توفيق الحكيم وسأله:
“كيف كانت والدتك”؟ رد : “كانت فتاة (دماغها أنشف من الحجر)!”
إذا طلبت شيئًا وصممت عليه فلابد أن تناله، ولم يقف أحد في وجهها إلا أختها.
— وماذا فعلت معها؟!
— رد وهو يضحك: “خاصمتها طول العمر”
— يا ساتر…للدرجة دي؟!
— ألم أقل لك: “دماغها ناشفة”؟!
《 2》
ثم فرغ توفيق الحكيم من فنجان قهوته في مكتبه بدار الكتب على نيل القاهرة وقال:
اسمع الحكاية دي وأنت تعرفها جيدًا!
— اتفضل!
بعدما تزوج أبي سافر بها إلى عزبة والده الشيخ أحمد الحكيم – اسم العزبة صفط الملوك – تابعة لمديرية البحيرة- فى دلتا مصر – وكان جدي مزواجاً يطلق امرأة ويتزوج بأخرى وكلهن يعشن في منزل واحد – دوار كبير – في العزبة وقبل السفر بيوم قال لها والدي: “عندي كلمة أحب تسمعيها”!
— اتفضل…خير
— إذا وجهت إليك زوجة أبي – الزوجة الجديدة – أي كلمة تحمليها”!
ردت:
” والله لو قالت لى كلمة لأرد عليها بعشرين”!
— أرجوكِ .. بلاش فضايح .. لأجل خاطر أبي”!
《 3》
لم ترد عليه طيلة السفر حتى وصلت العزبة وهناك التقت بزوجات ثلاثة – يردن الانتقام من الزوجة الجديدة فقالوا لها: “بكرة هتقطع لسانك بكلامها الجارح”!
— والله لأقطع لسانها أنا بهذا المقص (وكان في يدها مقص) من لغاليغه!
ووصل هذا الحديث للزوجة فقامت بدورها بإبلاغه لجدي الذي قرر نصب محكمة فورية لهذه الفتاة المتمردة.
— وماذا فعل أبوك؟
— ارتعد من الحادث وقال لها:
“أوعي تكرر الكلام ده أدام أبويا (كان يحب والده ولا يريد أن يغضبه) ردت بنفس الحدة:
“والله لو سألني هرد بنفس الرد”
— تقطعى لسانها بالمقص؟!
— ومن لغاليغه
— يا نهار مش فايت!
《 4》
واجتمع ( سي السيد ) الأسرة وحضرت الزوجات القديمات وأولادهن ومن كان بالعزبة من إخوة ونسائهم (وبينهم من هو مستعد ليشهد بالباطل إرضاء لسيد البيت ونفاقًا لزوجته المفضلة) وبدأت المحاكمة
— سألها:
“هل قلت بالفعل والله لأقطع لسانها بهذا المقص (المقص كان في يده)؟!
— ردت: قلت.. إذا تطاول لسانها!
نظر الرجل يمناه ويسراه وسط الحضور الحاشد وقال لها:
“اتفضلي على حجرتك”!
— لم يعاقبها؟!
— لا.. بالعكس احترم فيها شجاعتها عندما أدرك أنها ليست من طراز أولئك الزوجات القديمات ثم التفت لهن قائلاً:
” والله البت دي أحسن منكم يا حوش”!
《5》
— وماذا فعل أبوك؟
— رد وهو يضحك: “ده كان ميت في جلده خوفا من أبوه لأنه كان بارًا بأبيه، وحريص أشد الحرص على إرضائه”!
— وماذا كان موقف والدتك منه”؟
— سألتها نفس سؤالك فقالت:
“خذلني أبوك يومها.. خذلني بنذالة” قال ذلك وهو يضحك حتى علا صوته، فيما غادر الصحفي مكانه قائلا بصوت لم يسمعه الحكيم:
(أما ست دماغها ناشفه بصحيح) كيف تحرج الابن أمام أبوه؟!
خيري حسن
كاتب صحفي مصري
————–
•• الأحداث حقيقية والسيناريو من خيال الكاتب.
•• المقال:” يعتني بالسرد لا بالتحليل ويالتوصيف لا بالتقييم.
المصدر:
كتاب :” سجن العمر – توفيق الحكيم – سيرة ذاتية – طبعة مكتبة الأسرة – 2003.

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock