الحرب على غزة كلفتها واهدافها المحدودة والاستراتيجية .

 

حسين عطايا – كاتب وباحث سياسي لبناني .

لاشك ان احد الاهداف الرئيسية لا بل الوحيد الذي تتمنى أسرائيل تحقيقه من العدوان على غزة هو انهاء وجود الفصائل المقاومة الفلسطينية واقتلاعها من قطاع غزة .
لكن دون ذلك تعقيدات ومصاعب كبيرة تواجه تحقيق هذا الامر دون خسائر كبيرة وكبيرة جداً في العتاد والجنود ، وهنا السؤال :

هل إسرائيل قادرة على دفع هذا الثمن الباهظ ؟
منذ السابع من تشرين الاول – اوكتوبر الحالي وبعد العملية البطولية التي قامت بها فصائل المقاومة الفلسطينية في مستوطنات غلاف غزة وبدء جولة جديدة من الحرب على غزة ، يتركز مُجمل القصف الصهيوني على منطقة شمال قطاع غزة على وجه التحديد ، اي غزة المدينة بكامل احيائها والقرى والبلدات والمخيمات المحيطةِ بها ، مع تمدد القصف وبمختلف انواع الاسلحة الجوية والبحرية والبرية ، على كامل مساحة قطاع غزة والبالغةِ مساحته ثلاثمائة وخمس وستون كيلومتراً مربعاً .

ويظهر من المتابعات ان تمركز القصف الشديد على شمال قطاع غزة يحتمل امرين إثنين :
الاول مسح احياء بكاملها مع ما يُرافق ذلك من قتل كل من في تلك الطمنقة حيثُ تُباد عائلات بكاملها والهدف من ذلك التخلص من الابنية والتي قد تستعملها فصائل المقاومة لمقاومة الغزو البري .

الثاني هو تحضيراً لعملية غزو برية تكون تلك المناطق قد اصبحت مفتوحة وبالتالي تُسهل عملية الاجتياح برأي الجيش الصهيوني وقادته ، وبذلك قد تكون سبباً في تقليل عد الخسائر في العتاد والعناصر .

ولكن دون ذلك الامر مصاعبٌ وتحديات ستواجهها عملية الغزو البري ، من حيث الانفاق التي اقامتها حركة حماس وبقية الفصائل والتي تمتد على مسافة خمسمائة كيلومتراً من الانفاق وهي بالتالي تُشكل مدينة بكامل مرافقها والتي وفق بعض المصادر بأن تلك الانفاق ليست محصورة على تنقل عناصر المقاومة ومراكز القيادة والسيطرة والتوجيه بل تتسع لتنقل الاليات والمحمولات العسكرية واماكن تصنيع وتخزين السلاح ولاسيما الصواريخ ، وهنا تُفيد بعض المعلومات بأن المساعدة في عمليات تصنيع الصواريخ لم تكون محصورة وفقاً لما هو سائد بأن ايران وحزب الله من ساعدا حماس على اكتساب الخبرات في تصنيع الصواريخ بل يعود ذلك لبعض الضباط من نظام صدام حسين السابق والذين يمتلكون خُبراتٍ كبيرة في هذا الشأن .

بذلك ستُشكل الانفاق في قطاع غزة المشكلة الرئيسية في مواجهة العدوان البري ، بحيث أن المقاتلين ينتظرون هذا الغزو لكي يُظهروا للعدو المفاجآت الكبرى والتي حتماً ستزيد من صعوبة المهمة وكثرة الخسائر التي ستتلقاها القوات الغازية وما ستواجهه ، خصوصاً ان وجود العدد الكبير من الاسرى هم موجودون في تلك الانفاق .

صحيح أن إسرائيل تتلقى الدعم الرئيسي من الولايات المتحدة بشتى انواع الاسلحة والمعدات الحربية وخصوصاً وجود قوات النحبة الامريكية والمسماة دلتا والمتخصصة في الاستخبارات وعمليات انقاذ الرهائن ، ووجود حاملاي طائرات ومايُرافقها من بوارج حربية ، إلا ان الامر في غزة مختلف وخصوصاً مع نجاح عمليات التمويه التي تستعملها الفصائل المقاومة ، والتي من خلالها استطاعت تضليل الجيش الاسرائيلي وهذا ماساعدها على تنفيذ عملية طوفان الاقصى وسببت بانهيار فرقة غزة واستطاعت اسر قائد الفرقة وعدداً من ضُباط تلك الفرقة وهم في مهاجعهم نيام .

هذا الامر وعلى الرغم من هدير الاليات العسكرية واعدادها الكبيرة التي اصبحت بمحيط قطاع عزة والعدد الاكبر من جنود الاحتلال الاحتياط الذين تم حشدهم وهو مايزيد عن مئتي الف جندي إلا ان القيادة السياسية والعسكرية لازالت تؤجل ساعة الصفر ، والتي قد تكون اصبحت قريبة وقريبةً جداً والتي ستُنفذ في الساعات والايام القادمة .

لكن هذا الامر وعدا عن المصاعب العملياتية واللوجستية وما ينتظر القوات الغازية من مفاجآت تنتظرها ، ايضاً هناك مصاعب اقتصادية ومالية ستترتب على هذه الحرب .

فمن المعروف ان اكثرية الجيش الاسرائيلي تعتمد على جنود وضباط الاحتياط ، ومن المعروف ان هؤلاء الضباط والجنود بمختلف رُتبهم هم من الموظفين والعاملين في قطاعات انتاجية مختلفة ، والتحاقهم بقطعاتهم العسكرية سيُرتب على ذلك توقف قطاعات كبيرة وخصوصاً الصناعات ومنها التكنولوجية نتيجة غياب العاملين فيها ، وبالتالي ذلك سيقلص من نمو الانتاج ومن العائدات المالية .

من المعروف ان هذه الحرب واليوم تدخل يومها الثالث عشر ، فهي لن تكون نزهة قصيرة بل ووفقاً لما يُدلي به القادة السياسيين والعسكريين فإنها ستكون طويلة ، وبالتالي سيترتب عليها خسائر كُبرى وانخفاض في معدلات الانتاج والصادرات ، وبذلك سيتلقى الاقتصاد الاسرائيلي ضربةً كُبرى ستُرتب على داعمي دولة إسرائيل من الولايات المتحدة واوروبا توفير مساعدات كبيرة وكبيرة جداً لفرض التوازن في ميزان المدفوعات الصهيوني ليبقى ويستمر .

إن الحرب على غزة ، او على فلسطين بشكلٍ كبير ومن خلفها على العرب عموماً هي نتيجة حسابات امريكية واوروبية لتحقيق مشروع كبير في الابقاء على الدول العربية منقسمة وسيزداد هذا الانقسام اكثر وهو من ضمن هذا المشروع ، ليستمر وجود إسرائيل الحاجز والفاصل بين عرب شمال افريقيا او ما يُسمى عرب المغرب العربي ومصر طبعاُ ، وعرب اسيا اي الشرق الاوسط ،
وبذلك يتظهر بوضوحٍ تام ان إسرائيل تبقى اداة صغيرة في هذا المشروع الغربي لتحقيق المصالح الامريكية والاوروبية ، في استمرار سيطرتها على هذه المنطقة الحيوية من العالم تحقيقاً لمصالحها الكُبرى .

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock