الدكتور أحمد منير يكتب .. الفنان الواعظ

جريدة بكره احلى الاخبارية

رئيس التحرير وجدى وزيرى

منذ نعومة أظافري وأنا أحب القراءة حتي قبل أن ألتحق بالعمل الدعوي فلقد قرأت كتباً كثيرة في شتي الميادين وفي مختلف العلوم ، وكان من ضمن مقروءاتى كتاب اسمه ” فن الخطابة ” هكذا كان اسمه وعنوانه فدار في خلدي هل الخطابة فن ؟؟ وما معني كلمة الفن ؟ وهل الخطيب فنان بمعني الكلمة ؟ وهل هناك علاقة بين الفنان ” الممثل ” وبين الفنان ” الواعظ ” أو ” الخطيب ” فبحثت ودققت ودارت مناقشات وأحياناً مجادلات بيني وبين نفسي وبيني وبين غيري من الذين يرفضون هذه التسمية ، سلطت الضوء علي الأشياء الإيجابية التي يقوم بها الفنان ” الممثل ” التي ينبغي أن يقوم بها الفنان ” الواعظ ” أو ” الخطيب ” وعليه أن يتعلم منها يفيد ويستفيد ولا يأنف ” فالحكمة ضالة المؤمن ” كما قال الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه ، ولقد ذكر الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني في كتابه ” رسالة في الوعظ والإرشاد و طرقهما ” أن جهاز الوعظ والإرشاد أنشأ في العام 1928 م وترأسه فضيلة الشيخ ” عبدربه مفتاح ” وأنه انتدب الفنان
” يوسف وهبي ” والفنان ” علي الكسّار ” لتدريب الوعاظ علي فن الإلقاء( ) ومن هذه الأمور التي ينبغي أن يراعيها الفنان “الواعظ”.
1- قوة الإحساس بالفكرة والحماس لها ، كان المطرب والملحن محمد عبد الوهاب يعيش في الأحياء الشعبية أياماً قبل أن يصوغ اللحن الجديد لينتهي إلي قوة الإحساس بما يريد عمله ليكون أقدر علي التأثير في غيره وإلا فإنه لا يؤثر إلا المتأثر ، فالديوث لا يحسن الكلام عن العرض ، وفاقد الشيء لا يعطيه ، ومن عوامل نجاح الفنان ” الواعظ ” و ” الداعية ” الإحساس بالفكرة والانسجام فيها ولا يتم ذلك إلا بمعايشتها ، فقد طُلب من نجيب محفوظ أن يتكلم عن حرب أكتوبر فقال يكتب عنها من شهدها ، ألم يقل رسول الله صلي الله عليه وسلم ” ليس الخبر كالمعاينة ” 0( ) بلي ويذكرنا موقف محفوظ هذا بموقف عباس العقاد حين قال “لا يكتب شعراً عن الصحراء إلا ساكنيها “.
2- من الأشياء الإيجابية لدي الفنان ” الممثل ” الذي ينبغي أن يأخذ بها الفنان ” الواعظ ” العمل فوق العواطف ، جاء في مذكرات يوسف وهبي أن أمه ماتت ولكنه بعد نصف ساعة من رحيلها كان علي خشبة المسرح يؤدي دوره ، كذلك فعل زميله استيفان روستي ، ولنا في أئمتنا القدوة والأسوة الحسنة فلقد مات ولد لأبي يوسف القاضي تلميذ أبي حنيفة فلم يغادر الدرس وترك الجيران يدفنونه ، وكان القزويني يلقي درساً كل يوم ومعه ابنه محمد وذاِت يوم لم يحضر معه لأنه مات فلما أُخبر في الدرس لم يظهر عليه علامات التأثر وقال للناس إن محمد دُعي فأجاب فمن أراد الصلاة فليحضر ، ويُذكر أن الشيخ ” أحمد سالم ” رحمه الله وكان مراقب عام الوعظ بالجمهورية يوم ماتت زوجته ذهب لأداء عمله في المراقبة .
3- وجود المستمع يقول محمد عبد الوهاب لا يكفي كلمات ولحن وصوت ولكن لابد من المستمع ، فأنت عندما تصعد علي المنبر فتجد في المسجد بعض أشخاص متفرقين في جنبات المسجد أو المعهد أو المدرسة أو الجامعة يشعرك ذلك بالملل والزهد ، أما إذا كان هناك جمهور عريض فإن ذلك يدعوك إلي الابتكار والإبداع وإخراج كل ما بداخلك ، يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله تعالي وكلما جلت المناسبة وكثُر السامعون وكان بينهم أهل المنصب والعلم والفكر جادت خطبة الخطيب وزادت بلاغته ، وانجلي بيانه وهذا الذي يرهب الخطيب ويمنعه أن يعتلي المنبر ويكلم الناس.
دكتور أحمد منير عبد الفتاح
موجه عام منطقة وعظ الشرقية
عضو لجنة الفتوي وفض المنازعات

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock