نتنياهو وازمة حكومته

جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس التحرير وجدى وزيرى

كتب حسين عطايا – كاتب وباحث سياسي لبناني .

يمر الكيان الاسرائيلي بازمة حادة غير مسبوقة بتاريخه ، نتيجة الازمات السياسية التي تُغرق البلاد على مدى سنوات ، حيث شهد هذا الكيان ثلاثة عمليات انتخابية في السنوات الخمس الاخيرة ، وكانت نتائجها الاخيرة بفوز نتنياهو مع إئتلاف يميني متطرف يضم الاحزاب الصهيونية الاكثر تطرفاً بتاريخ إسرائيل ، وبالتالي تُعتبر حكومة نتنياهو الاكثر تطرفاً .

من هنا وبما أن نتنياهو يواجه مشاكل مع القضاء ، حيث أنه ملاحق بثلاث دعاوى فساد على الاقل، مع عدداً من وزراء حكومته ، اقدم على إعداد مشروع قانون يتبنى تعديل مهام المحكمة العليا في إسرائيل ، ويحد من صلاحياتها في ملاحقة الوزراء وكِبار المسؤلين الصهاينة ، مما ادى الى معارضة حقيقية واجهته وحكومته ، حيث تشهد المدن الكبرى الاسرائيلية تظاهرات بالالاف اسبوعياً ، مما اضطرته للقيام بعمليات تمويه يوم سافر لخارج البلاد فاضطر ان يستقل مروحية للوصول الى مطار اللد للسفر .

كما انه في وقت سابقت اضطرته المحكمة العليا ان يُقدم على اجبار وزير الداخلية والصحة في حكومته ارييه درعي والتي كان صادر في وقت سابق حُكم قضائي بحقه وهو موقع على عدم عودته للعمل السياسي ، وبذلك اضطر للرضوخ لحكم المحكمة والاستقالة .

ومن جهة أخرى اوردت القناة الثالثة عشرة الإسرائيلية إن وزير الدفاع يوآف غالانت أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عزمه الاستقالة من منصبه، إذا واصل الائتلاف الحاكم تشريع التغييرات على جهاز القضاء بشكل أحادي الجانب ومن دون إجماع واسع.

وقالت القناة إن غالانت أبدى مخاوفه من تأثير التغييرات المقترحة على ما وصفها بالقيم المجتمعية في إسرائيل وعلى الجيش، لا سيما الجنود والضباط في صفوف الاحتياط.

من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إن دعوات عصيان الأوامر العسكرية من شأنها أن تمس قدرة الجيش على أداء مهامه .

هذا من جهة ومن جهةٍ اخرى ابدى مئات من ضباط الاحتياط عدم عودتهم للتدريب والخدمة في الجيش ، في حال تم إقرار هذا القانون .

كما ان الامر لم يقتصر على التظاهرات واحتجاجات العديد من جنود وضباط الاحتياط ، بل تطور الامر الى ازمة كبرى في العلاقات الاسرائيلية مع الخارج حيث ان العديد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة والتي استدعت السفير الاسرائيلي في اليومبن الماضيين وحذرته من مغبة العواقب التي ستنتج عن هذه التعديلات في حال تم إقرار القانون .

كما الن اليهود الامريكيين والذين يشكلون اهم لوبي يهودي في العالم داعم لاسرائيل حذر حكومة نتنياهو من الاستمرار في الرضوخ للمتطرفين من وزراء تحالفه الحكومي .

لذا فإن الازمة التي يمر بها الكيان الاسرائيلي ، ليست غير مسبوقة فحسب ، بل قد تأخذ البلاد الى مشروع حرب اهلية في حال استمر التعنت من قبل حكومة نتنياهو ، وإن استمر في الخضوع للوزراء المتطرفين في حكومته ، مما سيوصل البلاد فعلا الى انقسامات حادة قد تؤدي الى حرب اهلية داخلية .

على الصعيد الاقتصادي ايضاً ، يؤدي المضي قُدُماً في محاولة إقرار القانون ، الى هروب رساميل عديدة خارج إسرائيل نتيجة ان التعديل القضائي ، والذي سيؤثر سلباً على حرية الاعمل مما سيجعل أسرائيل قريبة جداً من النموذج اللبناني في سيطرة رجال السياسة على القضاء وبالتالي الوصول الى حالة من الفوضى القضائية ويُبطل مفاعيل القانون ، ومن هنا هروب الرساميل وانتقال الشركات الى خارج إسرائيل يُهدد الاقتصاد الاسرائيلي ويخلق مفاعيل سيئة جداً في الداخل الاسرائيلي .

كل هذه الامور مجتمعةً قد تُساعد نتنياهو على اتخاذ قرار الهروب الى الامام في تنفيذ ضربة الى المشروع النووي الايراني ، او افتعال حرب مع لبنان او في قطاع غزة .

وقد عودتنا حكومات الكيان الصهيوني على مدى تاريخها انه يوم تتأزم الاوضاع الداخلية ، ولعودة لملمة الصفوف قد تُقدِمُ قيادته لافتعال حروب مع المحيط ، مما سيدفع بالاسرائيليين الى الاصطفاف مجدداً خلف حكومتهم .

لكن هذه المرة الظروف مختلفة جداً والانقسام بلغ حالةً عصية على الحلول ، إلا في حال رضخ نتنياهو للمعارضة وخصوصاً المعارضة في داخل حزبه الليكود ، واقدم على التراجع عن الاستمرار بإقرار القانون ، وفي هذه الحالة سيخسر تحالفه الحكومي ، وقد يؤدي ذلك الى فرط حكومته واستقالتها ، وهنا سيذهب المجتمع الاسرائيلي الى انتخاباتٍ جديدة .

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock