
جريدة بكره احلى الإخبارية رئيس التحرير وجدى وزيرى
كتب حسين عطايا – كاتب وباحث سياسي لبناني .
اتى إنعقاد القمة العربية في المملكة العربية السعودية في التاسع عشر من ايار – مايو الجاري ، في ظروف عربية وإقليمية وعالمية مُعقدة جداً مما يشهده العالم والاقليم من ازمات سياسية ومنها العسكرية التي تطال شظاياها العالم العربي وتؤثر على الامن القومي العربية في مناطق كثيرة وحساسة ، مما جعل من القمة العربية في جدة ، ذات اهمية قسوى وكُبرى ، وهذا الامر اتى لينعكس إيجاباً على الاقطار العربية كافة ويجعل المنطقة تعيش مرحلة من الاستقرار السياسي ، مما يُعطي دفعاً لرؤية ٢٠/٣٠ للامير محمد بن سلمان ويُعطيها فُرصاً حقيقية للنجاح .
في عودة سو يا.
كُتب الكثير عن قرار مجلس الجامعة العربية في إعادة سوريا لشغل مقعدها في الجامعة وفي كافة المنظمات التابعة لها ، واتى حضور رئيس النظام السوري بشار الاسد لتنهال الانتقادات ويجري التصويب على الجامعة وعلى المملكة وولي العهد السعودي ، لكن هذا الامر لم يكن ليمر بهذه البساطة التي يتصورها البعض بأن سوريا عادت ، وتناسى العرب كل ما جرى على الساحة السورية خلال عقدٍ من الزمن ، صحيح ان القمة اعطت فرصة لبشار الاسد ليحضر القمة ويُلقي كلمة النظام السوري ، لكن ما اكد عليه إعلان جدة وما جاء في المؤتمر الصحافي الذي تلى القمة وتحدث فيه الامير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي وامين عام الجامعة احمد ابوالغيط اظهر الواقع الحقيقي لعودة سوريا ، حيث وضح كل من الوزير فيصل بن فرحات واحمد ابوالغيط ان الموضوع السوري مرتبط ومتعلق بصورة دقيقة بأمر مبدأ ” الخطوة مقابل خطوة ” ، اي ان عودة سوريا والتطبيع معها مرتبط بشكلٍ جوهري بما سيُقدم عليه النظام السوري لاسيما بموضوع :
* ظبط الحدود و منع تصنيع وتهريب المخدرات وخصوصاً الكبتاغون الى الدول العربية والخليجية تحديداً .
* السعي وبالطرق السلمية وفقاً لما نص عليه قرار الامم المتحدة ٢٢٥٤ وتهيئة الاجواء لعودة النازحين السوريين الى مُدنهم وقراهم التي هُجروا منها .
* انسحاب كافة المليشيات والمرتزقة الخارجة عن سيطرة الدولة السورية .
هذه اهم الخطوات المطلوب من النظام السوري تنفيذها ليتم البدء بالتطبيع مع النظام والسعي لمساعدته في إعادة الاعمار وغيرها من الامور .
أذن ، الامر ليس مجاناً ولن يكون بهذه البساطة التي يتصورها البعض .
في الموضوع السوداني :
تطرق إعلان جدة الى تكثيف الجهود العربية والدولية وتشكلت لجنة ثُلاثية لترتيب الاجواء للمساهمة بحل الازمة السودانية لاسيما بعد موافقة طرفي النزاع وقبولهم بحل الازمة سلمياً ، وتسعى المملكة بتكثيف الجهود في سبيل إعلان هدنة انسانية ومن ثم وقف دائم لاطلاق النار حتى تتهياء الظروف لحوار سلمي يُنهي الازمة السودانية والتي يدفع ثمنها الشعب السوداني وذلك تحضيراً لعودة مسار الانتقال الديمقراطي للسلطة من العسكر للمدنيين .
في موضوع القضية الفلسطينية :
اكد إعلان جدة على حل القضية الفلسطينية وفقاً لمبادرة السلام العربية ، وبأن يسير العرب بما يُرضي الاشقاء الفلسطينيين في بناء دولتهم وعاصمتها القدس الشريف .
في موضوع لبنان :
اكدت القمة في إعلانها وقراراتها عن حث المسؤلين اللبنانيين على تحمل مسؤلياتهم في الاسراع بانهاء الفراغ الرئاسي والعمل سريعاً على انتخاب رئيس وتشكيل حكومة وإجراء الاصلاحات الضرورية لانقاذ لبنان والمساهمة في نهوضه من الازمات التي يتخبط بها منذ فترة طويلة ، مما يٌتيح للشعب اللبناني من العيش بكرامة ووطن آمن وهاديء .
في موضوع تدخل القوى الخارجية ببعض الدول العربية وهنا ، المقصود كل من تركيا وايران وركز إعلان جدة على هذه الدول ضرورة احترام خصوصيات الدول وعدم السماح بالتدخل في شؤن الدول العربية مما يُتيح بناء علاقات صحيحة تُرضي كل الاطراف .
في دعوة الرئيس الاوكراني :
لا شك ان دعوة الرئيس الاوكراني فولديمير زلنسكي للقمة والقائه كلمة اتت من قِبل المملكة العربية السعودية لاتاحة الفرصة التعبير عن رأي اوكرانية وبالتالي بناء القادة العرب الموقف الحقيقي في بناء مبادرة سلام عربية لحل القضية الاوكرانية ، وهذا ما يدُل على حيادية الدول العربية في قضية النزاع الروسي الاوكراني ، ويُعطي الموقف العربي قوة حيادية تستطيع من خلاله العمل على حل النزاع .
هذه المواضيع وغيرها التي عبرت عن اهتمام القادة العرب وبالتالي عن حرصهم على الامن القومي العربي ، لاسيما ما اتى في كلمة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مجال حديثه عن الدفاع العربي المُشترك .
وبالتالي هذه الامور مُجتمعةً اعطت القمة العربية في جدة اهمية قصوى في هذه الظروف الصعبة والمصيرية التي يعيشها العالم بشكلٍ عام والمنطقة العربية وما تواجهه من تحديات مصيرية .
إذن ، قِمة جدة كانت ناجحة على كل المستويات واعطت دليل على نجاح ولي العهد السعودي في تحقيق مسار
تصفير المشاكل ، للعمل على تنمية مستدامة في الوطن العربي لتعيش دوله بسلام وتلتفت الى مُجريات التنمية التي تُعطي فرصة لشعوبها لتنعم بالسلام .