اوهام الشيعية السياسية تُسقطها .

كتب حسين عطايا
كاتب سياسي لبنانى
لم يتعظ او يتعلم القيمين على قيادة الشيعية السياسية في لبنان اي درس من دروس التاريخ الكثيرة والمتعددة ، بأن لبنان عصيٌ على ان تحكمه او تتحكم به طائفة او جهة سياسية واحدة ، بل الحكم في لبنان محكوم بالحوار والتوافق .
هذا الامر ، ونتيجة جهل قادة الشيعية السياسية بعلوم بواطن التاريخ يُكررون اخطاء من سبقهم ، في محاولة الحكم والتحكم وحدهم بلبنان ، نتيجة فائض القوة التي يمتلكونها ، ويشيحون النظر عما هو واقعي وحقيقي ، وهذا الامر شكل بداية تهاوٍ وسقوط .
ففي العام ٢٠٠٠ وعلى إثر انسحاب الجيش الاسرائيلي مما تبقى من اراضٍ لبنانية محتلة في الشريط الحدودي المُحاذي لفلسطين المحتلة ، كانت الشيعية السياسية بممثليها امل وحزب الله قد وصلت الى قمة القوة والمجد ، ومن ثم اتت حرب تموز وكانت مغامرة ادت بلبنان الى الدخول بآتون الخسائر الكُبرى والتي ادت ضربة كُبرى لاقتصاده ومن هنا كانت البداية ، بداية الهبوط ، والكن للأسف وبنتيجة التهور ، وإقدام حزب الله وحلفائه على ارتكاب حماقة اجتياح بيروت والتي كانت الخطوة التي سرعت في الهبوط .
وقد سبقتها عملية حصار حكومة السنيورة ووسط بيروت والتي انتهت بتسوية الدوحة وما تلاها من مغامرات والاعيب ادت ببندقية المقاومة الشيعية الى الاستدارة الى الداخل اللبناني واستعمالها لتطويع وتهديد بقية اللبنانيين من خارج بيئتها السياسية وليست الطائفية فحسب .
فأدت إستدارة حزب الله للداخل الى التغول في بناء دويلته على حساب الدولة اللبنانية والتي بدأت تتفسخ قوتها ومؤسساتها واخذت طريق السقوط امام الدويلة .
اليوم وبعد جملة معطيات ساهمت وساعدت فيما مضى على تحكم حزب الله بمفاصل السلطة حتى اصبح الحاكم الفعلي للبنان ، فأتت انتخابات ايار – ماي الماضي من العام ٢٠٢٢ ، والتي ادت الى هزيمة وانكسار حزب الله وجعلته غير حاسماً في التحكم باللعبة البرلمانية والسياسية فخسر الاكثرية النيابية ، فبات عمله الفعلي في وضع الفيتو على انتخاب الرئيس وليس الاتيان برئيس ، على إثر انتهاء عهده المتمثل بميشال عون .
وفي هذا السياق كانت عملية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع فلسطين المحتلة والتي صورها امين عام حزب الله بأنها انتصار إلهي جديد استطاع من خلالها تحقيق مصالح لبنان والحفاظ على حقوقه ، والتي اثبتت الايام بأنها كانت صفقة كُبرى اضاعت الحقوق وفرطت بالسيادة الوطنية وتنازلت عن ثرواتها البحرية خارج نطاق الخط ٢٣ وبالتالي كانت انتصار فعلي لاسرائيل والولايات المتحدة وانطلت الخديعة على حزب الله وامينه العام الذي عاد واعترف بالخديعة في إطلالته الاخيرة في اواخر شهر شباط – فبراير المنتهي .
من هنا بدأت تكبُرُ عملية سقوط الشيعية السياسية لتأتي عملية التجديد او التمديد للواء عباس ابراهيم في قيادة الامن العام اللبناني والتي انتهت بفشل ذريع للثنائي الممسك بزمام الشيعية السياسية والتي شكلت صدمة وصفعة كُبرى اثبتت ان الثنائي امل وحزب الله بدأ بفقدان السيطرة على زمام الامور بعد ان فقد الاكثرية النيابية ، وبعد ان تصدعت جبهة الحلفاء من حوله ، وبدأ يتلمس طريقه من جديد بعد ان تلقى الصفعات الواحدة تلو الاخرى .
هذا الامر يُبقي الامور في بعض المراوحة وكل مايدور ويظهر من تصعيد وعرض عضلات إعلامية يؤكد بأن حزب الله ينتظر صفقة ما في الخارج تُعيد له بعض من ماء الوجه في الداخل اللبناني ، في انتظار تحسن الاحوال وما ينتج عنها من متغيرات ، قد تحمل حلولاً تُخفف من وطأة الهبوط الاضطراري وتُخفف من حدة الاصطدام القريب.