مقالات الكُتاب

النظام الايراني في الطريق الصعب

جريدة بكره احلى الإخبارية رئيس التحرير وجدى وزيرى 

كتب حسين عطايا – كاتب وباحث سياسي لبناني 

في سابقة غير مسبوقة التقى المرشد الاعلى للنظام الاسلامي اعداداً من النساء الايرانيات الذين يدورون في فلك النظام وخاطبهم بطريقة جديدة وجريئة ، ومن خلالهم اراد توجيه رسالة واضحة للمرأة الايرانية بشكلٍ عام .
الجديد في الامر ، هي تلك اللهجة المستعملة في مخاطبته للمرأة الايرانية واستعمال مفردات وتعابير تُقال للمرة الاولى وعلى لسان اعلى سلطة في النظام الايراني وهذا منافٍ للخطاب الديني الذكوري الذي يستخدمه عادة ابناء النظام الايراني ولاسيما اعضاء مكتب المرشد ومساعديه بشكلٍ عام .

وكان الهدف بالطبع هو ملاطفة النساء الايرانيات واللواتي يشاركن بكثافة في الثورة الايرانية لا بل يتزعمن الصفوف الاولى فيها ، وبالتالي المقصود عملياً ، هو السعيد لاكتساب بعض من لطف ومودة مع الشارع الذي تمثله المرأة الايرانية في المجتمع الايراني بشكلٍ عام والثورة على وجه الخصوص .

على هذا خاطب الخامنئي المرأة الايرانية :

بالاشادة بدورها في المجتمع الايراني ودعاها للعودة لتكون شريكة في صنع القرار ، وعلى اختلاف إعلام النظام وشرطة الاخلاق المتشددة في موضوع الحجاب ، اردف يقول ، بأنه لا يجوز ان نقول بأن غير الملتزمين كلياً هم في خانة اعداء الثورة والنظام ، بذلك ، يكون المرشد عبر عن الارباك الذي يُعانيه النظام من ثورة النساء الايرانيات وبالتالي يهدف من وراء هذا الامر الى استجرار العواطف ، وكأن الامر او السبب الذي إنطلقت منه الثورة هو موضوع الحجاب فحسب .

الصحيح أن الثور انطلقت من جراء مقتل الشابة مهسا اميني. على يد شرطة الاخلاق التابعة للحرس الثوري الايراني ، ولكن تطور احداثها واستمراريتها اتت على خلفية الحياة الصعبة التي يعيشها المواطن الايراني على مدى الاربعون عاماً الماضية في ظل نظام قمع الحريات والتضييق على الايرانيات وطريقة لباسهم وتطابقه مع قيم النظام ، التي فرضها نظام جمهورية الخميني ، ولا زالت مستمرة الى يومنا هذا .

إذاً تطور الثورة الايرانية والتي للمرأة الايرانية دوراً بارزاً فيها ، إنطلق من حادثة استشهاد مهسا اميني لينتقل الى شعار إسقاط النظام الايراني والذي اصبح بنظرهم خارج العصر الحالي ، وما يعيشه باقي شعوب الارض .
هذا الامر ، والذي يحاول فيه المرشد الخامنئي ومن خلاله التدخل مباشرة بايجاد حلولاً للثورة التي اربكت النظام ، وخلقت له مشكلةً كُبرى من حيث استمراريتها على مدى اربعة اشهر وهي لم تتوقف لا بل يومياً ينضم لصفوف الثورة قِطاعات جديدة وكان اخرها تجار البازار في طهران وباقي المدن الايرانية الكبرى ، مما يؤثر حتماً في تصاعد حدة الازمة الايرانية الداخلية وما سينتج عنها ايضاً في الواقع الاقتصادي للنظام ومؤسساته ، وهذا حتماً سيخلق إشكالات وخلافات ما بين النخبة الحاكمة ، والتي ستجر في القادم من الاسابيع والاشهر إنهيارات في صفوف النظام وقد نشاهد انشقاقات في الانظمة والاجهزة الامنية نتيجة عدم وصول عمليات القمع والاعدامات الى نتيجة توقف الثورة او تُساهم خفوت وهجها .
لقد مر النظام في السنوات الاخيرة بعدد من الانتفاضات بدءاً من انتفاضة ٢٠٠٩ و٢٠١٧ و ٢٠١٩ ولكنها لم تدُم طويلا بل استطاع قمعها وانهائها ، لكن الثورة الحالية والتي قاربت على انتهاء شهرها الرابع ، لم تكُن في حسابات النظام لا بل لم يكترث لها بدايةً وقد استخفت اجهزة النظام بها إلى ان وقع في العجز عن إمكانية قمعها وإنهائها رغم استعمال كل انواع القمع التعسفي حتى وصولاً الى الاعدامات عبر نظامه القضائي القمعي والغير نزيه .
إلا ان ذلك لم يُعطي النظام ما يرمي اليه من ايقاف الثورة واستعادة مكانته وهيبته ، وهذا الامر سيؤسس لمرحلة جديدة ستؤتي ثمارها ولو بعد حين في اسقاط النظام وبناء نظام ايراني جديد يُراعي طموحات الشعب الايراني بكل فئاته ، وخصوصاً المرأة الايرانية والشباب.

اذاً ايران تتغير ولن تعود الى ما قبل التاسع عشر من ايلول – سبتمبر ٢٠٢٢ يوم استشهاد مهسا اميني وانطلاق ربيع ايران وشعبها ، وبالتالي سينتهي هذا النظام الذي بدد ثروات الشعب الايراني على اذرعه الذي ابتدعها في العديد من الدول تحت شعار تصدير الثورة ليخلق حلقات حماية لنظامه ويتدخل في شؤن الدول المجاورة لايران وخلق حالات ارباك لتلك الدول تُبعد عن نظامه الازمات الكبرى .

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock