أخبار اليوممقالات الكُتاب

الترسيم الحدودي البحري وحدود النار

جريدة بكره احلى رئيس التحرير وجدى وزيرى 

حسين عطايا – كاتب وناشط سياسي لبناني .

لم يكن لبنان بحاجة لزيادة ازمة جديدة على ازماته والتي يتخبط بها منذ اواسط العام ٢٠١٩ ، حيث يُشكل موضوع ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل أزمة إضافية ، تُضاف الى سيل من الازمات التي لا يتوقف ، بينما قيادات لبنان لازالت تبحث في جنس الملائكة ، دون الإقدام على وضع الحلول لها .

من هنا ، تأتي حساسية عملية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع فلسطين المحتلة ، في ظل تصاعد حدة الاشتباك السياسي عبر تصاريح نارية من كل من امين عام حزب الله حسن نصرالله وعدداً من قادة العدو الاسرائيلي ابرزهم وزير الدفاع ورئيس الاركان ، كما أن تحركات حزب الله على الحدود الجنوبية من خلال مناورات ميدانية لفصائل من حزب الله ، كما أن ارساله مسيرات في الشهر الماضي واستقباله الوسيط الامركي في عملية ترسيم الحدود آموس هوكستين من خلال إجراء مناورات ، لهو أمر يشي بعمليات تصعيد قد تتحول في أي لحظة الى تصعيد عسكري يدفع ثمنه الشعب اللبناني .
في ظل تأزم المفاوضات النووية في فيينا والتي لم تصل بعد الى طريق مفتوح يشي بقرب التوقيع على العودة للاتفاق النووي الذي كان قد تم توقيعه في عهد الرئيس الامركي اوباما وعاد عنه الرئيس طرامب .

وفقاً لبعض المصادر والتي تؤكد بأن الولايات المتحدة الامريكية في هذا الظرف الحساس بالذات ، لن تمنح إسرائيل ضوءاً اخضراً في الاعتداء على لبنان ، بالنظر الى حساسية الوضع لاسيما على صعيد إمدادات النفط والغاز لاوروبا مع بداية فصل الشتاء قريباً في اواسط ايلول – سبتمبر القادم ، نتيجة فرض العقوبات على النفط والغاز الروسي ، نتيجة الحرب الروسية – الاوكرانية .

ولكن الجنون الاسرائيلي على ابواب فترة الانتخابات قد يدفع قادة العدو الى استسهال الامر طلباً لزيادة شعبية القادة الاسرائيليين في موسم الانتخابات لزيادة في فرص عودة يائير لبيد رئيس الحكومة المستقيلة الحالية للحكم ، في ظل عودة نتنياهو الى حلبة السباق الانتخابي الاسرائيلي ، مما يُصعب من عودة لبيد وتحالفه .

في ظل هذه المعطيات والحراك السياسي قد يجري تأجيل الوصول الى اتفاقية الترسيم الى ما بعد تشرين الثاني – نوفمبر ، موعد الانتخابات الاسرائيلية حتى لا تظهر الادارة الاسرائيلية الحالية في مظهر التنازل امام حزب الله والخضوع لابتزازه وتهديداته ، وبالتالي إسرائيل امام سيناريو جديد هو تأجيل استخراج الغاز من حقل كاريش الى ما بعد الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية .

هذا الامر قد يُصعب الامر على حزب الله ، وبالتالي يدفعه الى خيارين احلاهما مُر وصعب لا بل شديد الخطورة .
فقد وضع حزب الله نفسه في مأزق من خلال ربط ردود فعله بتاريخٍ مُحدد ، وبناءاً عليه مطلوب منه تنفيذ ما ارتبط به او أن ذلك يُشكل له ازمة على المستوى الداخلي .
فقد حدد حزب الله ومن خلال مواقف امينه العام حسن نصرالله ، بأن الاول من ايلول – سبتمبر ، سيكون الحد الفاصل ما بين الانتهاء من ترسيم الحدود البحرية او الذهاب الى الحرب ، وهذا الامر يُشكل تبِعات ويُرتب مسؤليات جمة وكبيرة ومؤذية للبنان وشعبه .

فمثلا ، في حال لم يتم الانتهاء من مفاوضات الترسيم في الوقت المُحدد سيكون امام حزب الله امرين احلاهما صعب ومؤذي ، فإن انتهت المُدة ولم يقم بأي تحرك عسكري ، فهذا الامر سينعكس سلبياً عليه ويضعه في موقف صعب امام بيئته التي وضعها امام موقف حرِج يظهر عن ضُعف ووهن في صفوفه وبالتالي يُعبر عن عجزه بالقيام بردة فعل عسكرية امام التعنت الاسرائيلي .
بينما لو مضت الفترة المُحددة وقام بمغامرة عسكرية سيُعطي مبرِراً لاسرائيل لتنفيذ ما تتوعد به بمحو الضاحية الجنوبية لبيروت حيث معقل حزب الله وقيادته كما أنها وضعت بنك اهداف وفق ما تنشره بأنها تملك معلومات عن كل مواقع الصواريخ والمسيرات التي يُهدد بها حزب الله ويعتبرها مصدر توازن الرعب مع العدو الاسرائيلي .
وبالتالي هذا الامر يُشكل خسارة كُبرى للبنان نتيجة ما قد يلحق به من أضرار في الممتلكات والارواح و يُزيد الامور اكثر تعقيدا في ظل الازمات الخانقة التي يعيشها وعلى كل المستوية والصُعد .
أما على صعيد ما تبقى من الدولة اللبنانية لاسيما في الاسابيع الاخيرة من عهد ميشال عون والذي اوصل البلاد الى حدود جهنم وفق ما قال ، فإنها تعيش على حالة أنهيار تام ومتدرج ولا تملك قراراً لمعالجة ايٍ من الازمات ، ووفق المعلومات المُتداولة ، فإن إدارة مفاوضات الترسيم الممثلة برئيس الجمهورية ميشال عون ونائب رئيس مجلس النواب الياس ابوصعب لا تملك سوى الانتظار ، اي انتظار ما سيعود به الوسيط الامركي هوكستين والذي وعد بالعودة الى لبنان في فترة مابين ثلاثة الى خمسة اسابيع بينما اصرت الادارة اللبنانية على ان تكون فترة ثلاثة اسابيع تنتهي في النصف الثاني من شهر اب- اغسطس الحالي .

وهنا ايضا الدولة اللبنانية امام خيارين ، إما ان تصمت وتتراجع عن تحديد المواعيد والمهل ، وبالتالي تنتظر عودة هوكستين او ما يتمظهر عنه من خلال حضوره او رسائل تصل الى ادارة المفاوضات اللبنانية عبر السفارة الامريكية في بيروت ، اما الخيار الثاني هو اللجوء الى تعديل المرسوم ٦٤٣٣ والذي يقضي بأن الحدود اللبنانية هو الخط ٢٩ والذي يُعطي للبنان الحق في حقل كاريش وبالتالي تُصبح منطقة كاريش هي منطقة متنازعٌ عليها ، وبذلك يتراجع عن كل مادار في المفاوضات عازياً الامر الى تراجع إسرائيل عما وعدت به ايضاً نتيجة ما نتج عن إيجابيات في الاسابيع القليلة الماضية ، وبالتالي ممنوع على شركات التنقيب عن النفط العمل فيها وهنا ايضاً تكون الدولة اللبنانية اعطت الحق لحزب الله بقصف او توجيه مُسيرات الى منطقة كاريش وايضاً هذا الامر موضوع محفوف بالمخاطر وقد يؤدي ايض بناً الى حرب ، سيكون الخاسر الوحيد فيها لبنان وشعبه .

وهنا السؤال : هل لبنان يستطيع تحمُل نتيجة مُغامرة جديدة قد يُقدم عليها حزب الله والمعروف عنه بأنه يعمل وفقاً لاجندةٍ إيرانية تخدُم مصالحها وتُعطيها ورقة قوة في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة على حساب لبنان وشعبه ؟؟!

بالطبع حزب الله وكونه حزباً عناصره لبنانيين لكنه يتبع إيران عقيدةً دينية وبالسياسة ايضاً ، فهو على استعداد لان يُضحي بلبنان في سبيل خدمة الاجندة الايرانية وسياساتها على حساب لبنان وشعبه والذي ستكون الحرب مغامرة كُبرى ستُطيح بما تبقى من مقومات حياة على قلتها لا بل وندرتها ، وسيكون لبنان وشعبه امام مغامرة عسكرية يدفع ثمنها وحيداً في هذه المرحلة الحساسة من تاريخه .

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock