نبض الحياة

اميركا تتآمر على عمران خان

من نتائج الحرب الروسية الأوكرانية تدفيع الغرب عدد من الدول الثمن نتاج مواقفها غير المتوافقة معه، حيث تقوم السياسة الأميركية على ركيزة واحدة عنوانها، “ان لم تكن معي، فأنت ضدي”، وأعلنت بشكل واضح ودون مواربة تهديدات لكل من الصين والهند وباكستان وغيرها من الدول، التي لم تؤيد ادانة الحرب الروسية على أوكرانيا اثناء التصويت في مجلس الامن او في الجمعية العامة خلال الأربعين يوما الماضية، بما في ذلك الدول المتحفظة، قامت وزارة الخارجية الأميركية بالاتصال بها جميعا أولا محتجة على موقفها؛ ثانيا مطالبة إياها ان تعيد النظر في موقفها، وتدعم خيارات وقرارات الإدارة الأميركية ودول الغرب الأوروبي الغارقة في متاهة العم سام.

ومن الدول التي يفترض تدفيعها الثمن، هي باكستان، حيث قامت الإدارة الأميركية بتحريض الجيش والمعارضة على رئيس الوزراء عمران خان، الذي رفض اثناء لقاء مع السفراء الغربيين التساوق مع منطقهم في

فرض عقوبات على روسيا الاتحادية، وقال لهم بالحرف الواحد: نحن دولة ذات سيادة، ولسنا عبيدا لقبول املاءاتكم المرفوضة.

وعلى اثر ذلك دخلت باكستان ازمة سياسية حادة في اعقاب تقديم المعارضة الباكستانية عريضة لسحب الثقة برئيس الحكومة عمران خان يوم الاحد (امس يفترض) مدعية أن “خان قام بجلب العدواة مع الدول الأوروبية برفضه اتخاذ موقف مندد بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.”

ويأتي ذلك في وقت خسرت فيه حكومة خان الأغلبية في الجمعية الوطنية (البرلمان) نتيجة لانشقاق عدد من الأحزاب عن الائتلاف الحاكم، آخرها كان “الحركة القومية المتحدة”، التي أعلنت الأربعاء الماضي ان سبعة نواب عنها سينضمون إلى المعارضة في التصويت المتوقع لسحب الثقة. وفي غضون ذلك اعلن قائد الجيش الباكستاني، الجنرال قمر جاويد باجوا يوم السبت الماضي في مؤتمر أمني في اسلام اباد “نشترك في تاريخ طويل من العلاقات الممتازة والاستراتيجية مع الولايات المتحدة، التي تظل أكبر سوق تصدير لنا.” وأضاف باجوا ان “بلاده تسعى لتوسيع علاقاتها مع واشنطن،” وتابع ان بلاده “قلقة حيال الصراع في

أوكرانيا.” ورغم ان الجنرال حاول مسك العصا من المنتصف، الا انه كان يوجه رسالة غير مباشرة، ولكنها واضحة لرئيس الوزراء المدافع عن كرامة وشخصية بلاده، ورافضا ان يكون عبدا ومأمورا عند الغرب الأوروبي والأميركي.

وفي ضوء اشتداد حدة الازمة دعا عمران خان وفقا لقناة ” Geo News” الباكستانية الشباب في بلاده الى التظاهر والنزول للشوارع “من اجل باكستان سلمية ومزدهرة.” مشددا على وجود ادلة تثبت وجود “مؤامرة وقحة ” ضد حكومته. وقال رئيس الوزراء لمجموعة من الصحفيين الأجانب “التحرك للإطاحة بي هو تدخل سافر من الولايات المتحدة في السياسة الداخلية.” وحذر من انه “لا مستقبل لباكستان إذا استمر الوضع في هذا الاتجاه، مشيرا إلى ان التظاهر السلمي يمثل حقا مشروعا للمواطنين.

واتهم رئيس الحكومة الرافض منطق البلطجة الأميركي الأوروبي معارضيه ب”ببيع ضميرهم”، وأضاف ل” يتذكر التاريخ هؤلاء الخونة الذين يتآمرون مع قوى خارجية” ضد بلادهم، وليس ضد شخص خان فقط. واكد رئيس الحكومة المهدد بالاطاحة ان ” القوى الخارجية تقدم دعما إلى المعارضة. لا سيما من خلال

تمويل حملات إعلامية، مشددا على انها على دراية بشأن خطط الإطاحة، للاتيان بخصومه الذين تساوقوا مع الغرب في مخططهم. وكان خان التقى الرئيس الروسي بوتين يوم أعلنت روسيا الحرب على أوكرانيا في 24 فبراير الماضي.

وتجربة التدخل الأميركية الأوروبية في باكستان ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، فهناك دول عدة في اصقاع الأرض بدءا من اميركا اللاتينية: تشيلي، وبنما وكوبا ونيكاراغو وفنزويلا … إلخ، وفي اسيا مثل ايران واندونيسيا والعراق وأفغانستان وسوريا وفيتنام ولاوس وتايوان وكوريا واليابان … ألخ وافريقيا لا يوجد بلد دون تدخل مباشر او غير مباشر ومنها الدول العربية الافريقية جميعها بدءا من مصر وليبيا وتونس والصومال والسودان والجزائر والمغرب وموريتانيا وجيبوتي وارتيريا، وبالتالي الشواهد تعمي الابصار من حجم الفجور الاستعلائي الأميركي الأوروبي الاستعماري، الذين مازالوا يعتبرون باقي شعوب الأرض مجرد عبيد وخدم لهم. وبالتالي ما يجري في باكستان ليس سوى استمرار لذات النهج والجريمة الإرهابية المنظمة للغرب المتوحش، الذي يدعي “الحضارة” و:”التقدم” و”الديمقراطية” و”حقوق الانسان” وهي

شعارات مفصلة على مقاس الانسان الغربي الأبيض وصاحب العيون الزرقاء والشعر الأشقر، وليست لبني الانسان في قارات الدنيا الست.

وعليه مطلوب من دول العالم الثالث ان يخرجوا من دوامة ودائرة العبيد للغرب، وان ينهضوا بالدفاع عن مكانتهم، وحضاراتهم، وثقافتهم الإنسانية واستقلال دولهم من خلال تأسيس مجموعة اممية تتجاوز افق منظمة عدم الانحياز وال77 زائد الصين وغيرها من المسميات، لتصبح صاحبة صوت مسموع وقوي يفرض مكانة تلك الدول على الأقطاب الدولية جميعها وخاصة دول الغرب الرأسمالي وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، ولاعادة تركيب المنظومة العالمية بما يستجيب لمصالح شعوب الكرة الأرضية قاطبة دون تمييز او قهم او استغلال، عولمة تقوم على التسامح والتكامل والمساواة والندية.

بقلم الدكتورة لطيفة المفيد

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock