جريدة بكره احلى
رئيس التحرير
وجدى وزيرى
كتب الناشط السياسي اللبناني – حسين عطايا.
مابين بلاد الارز وارض الكنانة ، روابط اخوة توغل كثيرا في صفحات التاريخ ، كرسها الزعيم جمال عبد الناصر باحترامه سيادة لبنان الشقيق الاصغر في هذا العالم العربي ، يوم كان في زيارة لسورية ، حيث التقى الرئيس اللبناني فؤاد شهاب في خيمة على الحدود اللبنانية السورية في العام ١٩٥٩ ، راسما بذلك خطوط السيادة اللبنانية لتكون درساً يُحتذى به في العلاقات الاخوية بين الاقطار العربية تقوم على الاحترام المتبادل لخصوصية كل دولة .
ولم يكتفي فقط في هذا الامر ، بل اتى بجامعة مصرية وزرعها في قلب بيروت ، لتكون مدماكاً اساسيا في تطوير العلاقات الاخوية بين مصر ولبنان ، عنيت بذلك جامعة بيروت العربية في العام ١٩٦٠ حيث اصبحت هذه الجامعة صرحاً تعليمياً جامعياٌ ساهم ولايزال بتخريج النخب اللبنانية العلمية والسياسية وعلى مختلف المستويات .
نعم تطورت العلاقات اللبنانية – المصرية في عهد الزعيم عبدالناصر حيث وصلت لأوجها ، عدا عن الروابط مع الكثير من السياسيين اللبنانيين وعلى رأسهم العلاقة المميزة التي كانت تربط ناصر مع الشهيد كمال جنبلاط والذي كان له في قلب ناصر معزة خاصة .
هذا ولا بد من ذكر السياسة المؤثرة لمصر في الاقليم وفي العلاقات الدولية خصوصا مع قيام حركة عدم الانحياز والتي تأسست من الدول التي حضرت مؤتمر باندونج عام 1955 وكان عددالدول التي كانت نواة لتأسيس الحركة ( 29 ) دوله وتعتبر الحركة نتيجة مباشره للحرب الباردة بين المعسكرين (الغربي بقياده الولايات المتحدة الامريكيه والتي تضم حلف الناتو) و(المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي الذي يضم حلف وارسو) ويعتبرمؤسسي الحركة الأوائل هم الرئيس المصري الراحل جمال عبدا لناصر ورئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو والرئيس اليوغسلافي تيتو وأخيرا الرئيس الاندونيسي احمد سوكارنو وقد لعبت الحركة دوراً مهماً في الحفاظ على السلام والأمن في العالم وكانت الحركة تهدف إلى الابتعاد عن السياسات التي نتجت عن الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي وفي سنوات الحركة الذي تجاوز الخمسين عام وصل عدد الأعضاء المنظمين للحركة إلى أكثر من 116 دوله وتعتبر جهود الحركة من العوامل الأساسية التي ساهمت في القضاء على الاستعمار والى تكون دول جديدة ذات سيادة ومستقلة ومن المعلوم أن مملكةالبحرين قد انضمت للحركة عام 1972.
في العام ١٩٧٠ يوم ترجل الفارس المصري عن صهوة جواده خرجت الجماهير اللبناني على مساحة لبنان تأبيناً للراحل الكبير ، والذي لازالت ذكراه عابقة في قلوب الكثير من اللبنانيين حتى يومنا هذا .
في عهد الرئيس للسادات وخصوصا بعد العام ١٩٧٧ حيث تم توقيع اتفاقية كامب ديفيد اصاب العلاقات المصرية اللبنانية بعض الفتور ومن ثم في عهد الرئيس مبارك شاب العلاقة اللبنانية المصرية شبه جمود ولم يقتصر الامر على العلاقة مع لبنان بل كانت مصر غائبة وغير فاعلة في السياسة العربية والاقليمية والدولية .
ومع الربيع العربيوغي غفلة من الزمن حيث وصل الاخوان الى الحكم ومحاولاتهم تغيير وجه مصر وتاريخها واللعب على مستقبلها قامت ثورة يناير التي كانت سببا في الاطاحة بحكم الاخوان ،وعلى اثرها تبواء الرئيس عبد الفتاح السيسي قيادة مصر بدأت تباشير عودة مصر لتكون لاعباً إقليمياً ومؤثرة في السياسة الدولية ، وساهم ذلك في الخطط والمشاريع التي بدأت الادارة المصرية الجديدة بالشروع فيها لتؤكد ان مصر قادرة على النهوض واستعادة دورها التاريخي في المنطقة ولا ننسى مشاريع التطوير الكبيرة منها مشروع قناة السويس الرديفة ومشروع العاصمة الادارية الجديدة عد عن النهضة الكبيرة في قطاع الكهرباء وغيرها من مشاريع اعادت وضع مصر على الخارطة العالمية من جديد .
وهنا ، استعادت العلاقات المصرية اللبنانية حرارتها وعادت مصر لتحتضن الشقيق الاصغر وتساهم في حلحلة بعض مشاكله مع بعض الدول العربية خصوصاً على اثر الازمة الدبلوماسية الاخيرة بين لبنان والمملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي ، وهنا كان لمصر دورا مهما لعبته مع دولة الكويت اثمرت عن المبادرة الكويتية ولاننسى نشاط امين عام جامعة الدول العربية احمد ابوالغيط ودوره في مساهماته في رأب الصدع بين لبنان واشقائه الخليجيين ، كما لا يسهو عن بال اللبنانيين المساعدات السخية التي قدمتها مصر على اثر تفجير مرفأ بيروت في الرابع من اب
” اغسطس ” من العام ٢٠٢٠ والجسر الجوي الذي اقامته الدولة المصرية مع لبنان ، حيث ارسلت من خلاله مئات الاطنان من المساعدات وعلى مختلف المستويات وخصوصا المساعدات الطبية والتي كان القطاع الطبي في لبنان بأمس الحاجة لها على اثر إصابة مستشفيات العاصمة بيروت نتيجة الانفجار الذي اصاب مرفأ بيروت .
هذا من جهة ، ومن جهة ثانية وعلى اثر الازمة اللبنانية والتي تكورت بعد السابع عشر من تشرين الاول
” اوكتوبر ” حيث اصابت الاوضاع الاقتصادية اللبنانية ، فيمم كثيراً من اللبنانيين وجههم نحو مصر ، وتذكر بعض المصادر انه في العام ٢٠٢١ ذهب الى مصر حوالي خمسين الف عائلة لبنانية وحصلوا على إقامات مصرية ، ويضاف اليهم حوالي عشرة الاف كانوا مقيمين من قبل في مصر ، اي اصبحت مصر وجهة عمل واستثمار للبنانيين فيما بعد العام ٢٠٢١ ، وهذا العدد بالنسبة الى لبنان رقماً مهما .
ويشعر اللبنانييون في مصر أنهم لم يتغربوا بل هم بين اهلهم واشقائهم ، ومن هنا تبرز اهمية العلاقات اللبنانية المصرية التي تتطور باستمرار ، مما يزيد اللحمة بين الشعوب العربية ، لمواجهة كل مشاريع التفتيت التي تقوم بها القوى العدوانية والتي لها اطماعاً في الثروات العربية وفي الدم العربي تبدأ من الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين الى ايران الفارسية والتي تطمح لاستعادة امبراطوريتها عبر اعداداً من ضعاف النفوس المتعاملين معها ويخدمون مشروعها الامبراطوري والتي تسعى اليه في كل من العراق واليمن وسوريا ولبنان ، ويُضاف اليهما تركية العثمانية الطامحة ايضاً لاستعادة مجد خلافتها الزائلة وماتفعله في كل من شمال سوريا ومرتزقتها في ليبيا وغيرها من الاماكن التي تسعى للدخول اليها .
في كل ذلك تلك الدول الثلاث تشكل ثالوثاً يطمع في نهب خيرات الوطن العربي ، لكن القوى العربية الحية وعلى رأسها مصر وما تقوم به من مشاريع سياسية ولاسيما مشروع شام الجديد حيث استضافت مدينة العقبة لقاءً، أمس الجمعة في الخامس والعشرين من هذا الشهر ، جمع الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، ورئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي. كما حضر اللقاء الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ولي عهد الأردن، والأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبد العزيز، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء السعودي، والشيخ حمدان بن محمد بن زايد، والشيخ محمد بن حمد بن طحنون، مستشار الشؤون الخاصة في وزارة شؤون الرئاسة في الإمارات. واللقاء تناول سبل تطوير العلاقات الأخوية بين الدول الشقيقة.
هذا الامر إن دل على شيء يدل على الاهمية الكبرى التي تلعبها مصر على مستوى الوطن العربي والاقليم وثقلها في العلاقات الدولية .
إذاً مصر ولبنان علاقة تزداد عُراها يوماً بعد يوم في ظل عروبة متطورة منفتحة على العالم اجمع .