
جريدة بكره احلي موقع الاخبار المتميز
رحيل قامة عربية …
في هذا الزمن المختلف ، وفي سنة حملت للعالم ظلال داء غيَّرَ وجه الكرة الأرضية … رحل عنا رجل مختلف . تدرج في المناصب الديبلوماسية ، وتخضرم في منعطفات السياسة العالمية ، ليشغل منصب وزير الخارجية في القطر العربي الذي أحيكت على جسده المؤامرات ، ونسجت حوله الضغوط ، و انقضت عليه قوى الظلام لتنهش من لحمه ، وتنخر في جسده الطاهر . فتَنَّكب مهمته في أحلك ظروف الوطن العربي ، وأصعب مراحله.
رحل تاركاً وراءه احترام العدو ، ومحبة الصديق … رحل مخلفاً من بعده إرثاً من الديبلوماسية الراقية ، والحنكة السياسية اللتين جعلتاه جديراً بلقب عميد الديبلوماسية العربية .
كان مختلفاً… لأنه واجه تحديات المرحلة بهدوء الديبلوماسي ، و حكمة المتمرس ، وشجاعة الوطني … كان مختلفاً …لأنه لم ينحنِ لإرادة الدول العظمى ، بل رفع إصبعه في وجه من حاول فرض إرادته على شعبه المثخن بالجراح … كان مختلفاً … لأنه رفض مئات الملايين مقابل انشقاقه عن مواقف الوطن الثابتة …(ضد التطبيع … ضد الاستسلام …ضد الخنوع لأقوى دول العالم ).
“لكلٍ من اسمه نصيب ” … وللمعلم في ممارسته كل النصيب … فقد كان مدرسة للديبلوماسية الرصينة …مدرسة لمن يعشق الوطن … مدرسة لمن يفاوض بلا استسلام … ومعلماً في شجاعة الموقف … والصبر في أحلك الظلمات .
كان أستاذاً في الرد دون إسفاف … وفي المواجهة بلا مبالغات …
كان معلماً في هدوء الحديث … وضبط الأعصاب …
هذا الدمشقي … الذي درس و تعلم السياسة في القاهرة … ومارسها في كل أنحاء العالم … مؤدياً مهمة العروبة … متشرفاً بحمل علم سورية… متصدياً لرياح الظلم والغدر والخيانة … لا يسعنا إلا أن نترحم عليه و قد اختاره المولى إلى جواره … و توجته الديبلوماسية عميداً لها … و قد كتب على قبره (توفاه الله مخلصاً للوطن ).
شذا نصار