يومٌ خريفي في بحر بيروت

بيروت بكره أحلى

كتبت : دكتوره شذا نصار

هربت كالعادة الى البحر الذي اعتدت أن ألقي بهمومي في مياهه الباردة … ألقي بالتحية على رفيقات الصباح … ثم أغمر نفسي بقشعريرة منعشة .. وأكمل مسيرتي عبر موجاتٍ صنعتها بجسدي ليرتاح بعدها متحداً مع مياه رقراقة كشفت الصخور ، والأسماك الصغيرة الراقصة . كانت تلك الأسماك تقفز أسراباً متتابعة على سطح الماء.. وكأن آلة تقذفهم بتواتر منتظم ، لتخترق سطح الماء طائرة برشاقة ، فترسم أقواساً متقطعة جميلة ، ما يلبث أن يتلقفها البحر بطرطشة ناعمة ، لتعيد قفزها بعد أمتارٍ في عبثِ طفولي محبب .. بينما يترصد عصفوري الأزرق حركاتها ، من مكانه المعهود على قمة صخرة بنظرة الصياد الذي يتحين الفرصة المناسبة للانقضاض على فريسته منهم … هذا العصفورالصياد الجميل … هناك من يقف له بالمرصاد أيضاً ، عله يكون فريسة سهلة في الزمان والمكان المناسبين . إنها قطة بلون الصخور تراقبه عن بعد ، وتقترب منه بهدوء ، وتجتاز أنفاقاً خلفية لتنال منه خلسة وعلى حين غرة … اقتربت منه محدثة صفيراً اعتقدت أنه يشبه صوته ، فحرك رأسه باتجاهي مما جعله يلمح الهرة الخبيثة فيحيد عنها إلى قمة أخرى .. في هذا المكان أشعر عندما أسبح وحدي أنني في عزلة مريحة عن العالم المحيط ومشاكله .. فأترك العنان لأفكاري منغمسة في عالم البحر و الحيوانات المتعايشة فيه وعلى شاطئه .. ولطالما حاولت أن أتخاطب مع طائري المحبب عبر مشاعري التي كنت أحاول عبثاً أن أظهرها تجاهه ، وكنت أقنع نفسي بأنه يفهم صفيري ، فيطير إلى جانبي كالسهم وكأنه يرد التحية .. إنه والأسماك التي تقطن البحر ، والطيور المهاجرة ، لا يكترثون للسياسات المتضاربة في عالمنا المتخبط .. إنه يدور في فلك الطبيعة وقوانينها الالهية ، التي تفرض عليه غذاء ه وأسلوب عيشه ، وتوقيت هجرته المنتظم ، مالم يعترضها تحرش البشر وأذاهم .. من حروب قاتلة ونفايات مسمومة .. رواد بحر تشرين البارد قلة اعتادوا الاستمرار في رياضتهم الصيفية حتى تغيب العصافير الزرقاء ، إيذاناً بمياه باردة تؤثر أن تستبتدلها ببحار دافئة في أماكن أخرى من هذا العالم الجميل . ما زال بحر تشرين يرحب بأصدقائه المخلصين ،.. وبزياراتهم الخاطفة ، يقيناً بأن الحياة مستمرة .. ودورة الطبيعة أبدية ..

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock