حرب الداخل أكثر شراسة من حروب ميادين القتال

بقلم الكاتب والسيناريست :  صبري حنا

 طرحتُ على نفسي سؤالاً، آهو من باب الدردشة المفيدة التي قد تكون سبباً في تحريك المياه الراكدة ومداعبة مشاعر الأوفياء الوطنية؛ هل حقاً حرب الداخل أكثر شراسة من حروب الميادين وجهاً لوجه مع الأعداء؟

سؤالٌ يبدو سهلاً ولكنه في حقيقة الأمر، يحتاج للإجابة عليه إلى مجلدات ومجلدات، لأنني أعتبره سؤالاً مجنحاً وذو أفرع كثيرة ومتشعبة، ولنبدأ بالسؤال التقليدي من هو العدو؟

دعونا لا نكرر ذكر أسماء حروبنا ضد الغزاةِ والمحتلين؛ التي آخرها حرب السادس من أكتوبر 1973مع العدو الإسرائيلي، تلك الحرب التي شهد لها العالم كله وأشاد ببطولات الجيش المصري وشجاعة وبسالة الجندي المصري، فكان النصر حليفاً له بإعتراف العدو الصهيوني ذاته، ونتوقف قليلاً عند حروب الداخل الشرسة لأن العدو فيها غير ظاهر للعيان، ويستهدف بخسة دمار الدولة وخرابها، وأقصد هنا بالطبع حربنا ضد الإرهاب والمفسدين في الأرض من أعداء الحياة والخونة وعملائهم.

وإن كنا الآن نعلم جيداً شراسة الجيل الرابع من الحروب، وتأثيرها الغبي في العقول الساذجة، والمعروف للكافة أن الهدف الرئيسي منها، هو إيقاف دوران عجلة التنمية والتقدم والبناء، ومحاولة تحطيم المعنويات الوطينة بالتشكيك في القيادات ورجالات الدولة، وضرب السياحة، وبث الإشاعات المغرضة التي قد يصدقها البعض، أيضاً تصيُد بعض الأخطاء وابرازها إعلامياً والقاء الضوء بتركيز شديدٍ على بعض نواحي التقصير في بعض مؤسساتنا الخدمية.

هنا يحق لنا أن نطلق على هذه الحروب الداخلية أنها حروب شرسة ، ويجب علينا مجابهتها بكل قوة وعزم لأنها حروب قذرة خفاشية، تستهدف الإنسان المصري وتنخر كالسوس في بنيان الدولة، وعقول أبنائنا.

فبجانب الحرب التي يخوضها الجيش المصري ضد الإرهاب لحماية حدودنا، وبجانب مجهودات قوات الأمن المدنية لضبط حال الشارع المصري وحماية المدنين وتحقيق الأمن والأمان، يأتي هنا الدور الأساسي الذي يجب على كل المبدعين وأصحاب الأقلام الوطنية المخلصة للوطن، أن يتحركوا بفكر ناضج وواعٍ لتحقيق الوعي الثقافي والإعلامي وخوض معركتهم أيضاً بكل شراسة،  ونشرها على أعلى المستويات.

خطوةٌ للخلف ونتامل حالنا في الماضي القريب، كنا على قلب رجل واحد..! أعتقد أنه قد حان الوقت لنتكاتف جميعاً في مواجهة تلك الحروب الشرسة التي تستهدف مصرنا الحبيبة، فلننكر ذواتنا يا سادة ولنخرج من شرنقة مفرمة الحياة الصعبة، ونلتفت إلى الأم الكبيرة التي مهما جار عليها الزمان ستظل كبيرة وعريقة وصاحبة أعظم حضارة في التاريخ، انها مصر يا سادة، مصر القوية بشعبها والمخلصين من أبنائها والمهمومين بقضاياها.

وأتذكر هُنا أخي زميل الدرب الذي افتقدناه جميعاً، والذي رحل عن عالمنا بهدوء، كاتبنا الصحافي وشاعرنا الأصيل / الورداني ناصف رحمة الله عليه وأسأل الله أن يسكنه فسيح جناته وفردوسه الأعلى، كان مهموماً مثلي بقضايا الوطن وخاصة الاهتمام بالطفولة،  وضرورة بث روح جديدة للتوعية الثقافية، وأقنعنا بفكرة عمل ندوة أسبوعية بنقابة الصحفيين، والدعوة عامة فيها لمن يرغب المشاركة، كان هذا في أواخر الثمانينيات أطلقنا عليها اسم (ملتقى الأربعاء الأدبي) وشرفتُ بتأثيثها معه بالاشتراك مع الناقد الأدبي الراحل/ مصطفى عبد الوهاب، والمخرج الرائع الراحل/ عدلي عبد السلام، والموسيقار الراحل/ عبد المقصود علي،  وكثيرون من الأدباء والشعراء والفنانين، وأغلبنا أعضاء عاملين باتحاد كتَّاب مصر، وأحمدُ الله على استمرار هذا الملتقى حتى الآن حاملاً اسم (ندوة الورداني ناصف) ويرأسها الكاتب الصحافي النشط بجريدة الأخبار المسائي الشاعر/ صفوت ناصف.

ومن أشعاره التي لا أنساها وقد استأمنني عليها، وتأكيداً لعشقه لتراب هذا البلد، أبيات من أغنيته التي لم تر النور حتى الآن (يا مصر):

طول عُمرك حُبك تسقينــــــا       وف حضنك دايماً تحميـنـــــا

ما قاسيتي ولو مرة علينــــا       وجمايلك.. دي ملهاش حصر

وناديتي ع النصر آهو جالك               وبحــبك حققتـــي آمــالِــــــك

تعيشي لنا وتسلمي لرجـالك               تعيشي لنا يا حبيبتي يا مصر

 

كم تعلمتُ منه كيف يكون العشق الحقيقي لتراب هذا الوطن، وكيف أجعل قلمي طوع فكري وأجعله عاشقاً مثلي للوطن، وهذه قصيدته، التي لم تنشر حتى الآن، (بلادي) وهي كلماتُ تعبر عن عشقِه لمصر، تناسب احتفالاتنا بذكرى انتصار اكتوبر المجيد، وقرب ذكرى رحيله:

بلادي ترعرعت في حضنهـــا     عشتُ عزيزاً على أرضهـا

وفوق ثراها عشقتُ الحـــــياة     ووضأتُ عينيَّ مـن نورهـا

ومن مائها العذب يا كم شربت     حنانا من الماء مـن نيلهــا

ويا كم تنسَّمت أحلــــى هواها     ويا كم تغذيتُ مـن خيرهــا

 

بـلادي إذا ما أغار العـــــــداة      عليها .. فروحـي فداءً لها

سـأدفع عنهــا فلــــول الغزاة       وأفـني حياتـــيَ مـن أجلها

لتبقى عزيزة طـــول الزمــان      وتحـيي لـنا كـل أحلامهـــا

 

وأختتم كلامي بأبياتٍ من قصيدته (اُحبُك يا مصر) :

أحبك فــوق حــدود الهــوى                وحبك وحي النهى والضمـير

أحبك حــباً يفــوق الخيــــال               فلا ندَ في الحـبِ لي أو نظـير

فأنتِ الهواء .. وأنت الدواء                وأنتِ الحياة .. وأنتِ المصير

 

نعم يا سادة هي مصر .. وما أحلاها أيام نتشارك فيها جميعاً ونفرح بذكريات النصر، كل سنة وانت طيبة يا مصر غصب عن الحاقدين

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock