أقصوصة بقلم / صبري حنا – بكره أحلى
على مطلع أحد الكباري بالقاهرة .. وبالتحديد بين سيارات الميكروباص المنتظرة أعلى الكوبري .. كان (أبو ضحكة) كما يطلقون عليه السائقين بالموقف .. يرتكز بكتفه على سيارته الميكروباص .. ينفخ دخان سيجارته بغيظٍ وكأنه يتخلص من حملٍ ثقيلٍ ضاق به صدره.
أطل برأسه من فوق السور وبدأ يتأمل بتعجبٍ الطابور البشري المصطف أسفل الكوبري.. خلف إحدى السيارات الحكومية التي تقوم ببيع البطاطس وغيرها للمستهلكين بأسعار مخفضة .. تهلل وجهه فجأة وانشرح صدره حينما رأى زوجته وشقيقته يتأبطان ذراع أمه المريضة .. يتزاحمون في منتصف الطابور الحزين.
أطلق أبو ضحكة العنان لحنجرته فأطلق ضحكة قوية مفاجئة .. لفتت انتباه جميع السائقين والركاب .. ضحك الجميع .. وكرر ضحكاته .. ولِمَّ لا .. فقد واتته فكرة مجنونة قرر تنفيذها على أرض الواقع في الحال.
“بطاطس .. بطاطس .. الكيلو بخمسة جنيه .. حمِل يا أبو ضحكة خللي الغلابة تاكل”
وبدأ بعض الركاب يتركون مقاعدهم بالسيارات المنتظرة .. ويتجهون لسيارته .. وأتى بعض المارة على عجلٍ .. وكانت عيون الجميع تمسح سيارته من الداخل .. لا وجود للبطاطس..!!
بدأوا يتساءلون : أين البطاطس؟
فأجابهم بطريقة أبو العريف : “من الآخر كده .. إللي عايز بطاطس يركب العربية .. الأجرة ثلاثة جنيه يا أفندية .. والبطاطس بخمسة جنيه على بعد دقيقتين من هنا .. منفذ البيع بوزارة الزراعة .. بطاطس زي الفل وطماطم جنان .. ومن غير زحام”
أعطى الجميع ظهره وصعد سيارته .. جلس خلف عجلة القيادة .. أدار السيارة .. في لمح البصر كان الجميع يندفع بجنون حتى امتلأت السيارة بالركاب وكأنه يوم الحشر.
أطلق ضحكة قوية من نافذة السيارة تبعها بالنداء “بطاطس بطاطس حد رايح بطاطس .. الأجرة يا أفندية بسرعة”
وعند مخرج الكوبري .. استوقفه كمين لشرطة المرور ..
-
رخصك
-
إتفضل يا باشا
-
ميكروباص ده ولا أوتوبيس نقل عام ..!!
-
عقبال عندك يا باشا .. فرح بأه .. والكل عايز يفرح ..
قالت إحدى السيدات للضابط بترجي :
-
ربنا يسعد قلبك يابني .. عايزين نلحق قبل الزحمة ..
-
تلحقي إيه يا حاجة ؟
-
البطاطس يا ابني ..
ابتسم لها الضابط .. وضع الرخص في جيبه الأعلى .. قال ضاحكاً :
-
هتلاقي عندنا كل إللي نفسك فيه يا حاجة .. اطمني ..
ضحك أبو ضحكة .. تساءل ببلاهة:
-
على فين يا باشا ..؟
-
هات عربيتك وتعال ورايا ..